كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

القلب في هذا، أنه لا مصدر لـ (آن)، كما أن قولهم: أيس يأيس لما كان مقلوبًا من يئس ييأس (¬1) لم يكن له مصدر [ولوكان له مصدر] (¬2) لكان من باب جذب وجبذ (¬3)، ولم يكن قلبا.
فإن قلت (¬4): فقد قالوا: الإياس، وقد سمّوا الرجل إياسًا؟
قيل: إن إياساً من إسْتَه إذا أعطيتَه (¬5)، وتسميتهم بإياس كتسميتهم بـ (عطية وعطاء)، ومن هذا الباب قوله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} (¬6) أي أما بلغ، أما حان. والآن اسم للوقت الذي أنت فيه وهو باق، والباقي غير المتقضي (¬7) المنتهي.
وأما قولهم: أعييتني من شُبَّ إلى دُبَّ (¬8) فهذا الكلام مخرجه مخرج الأمثال التي تلزم طريقةً واحدةً ووجهاً واحداً، كقولك للرجل: أَطِرِّي
¬__________
(¬1) في (أ)، (ج): (يأس)، وفي "الإغفال": (يئس يئيس) ص 288.
(¬2) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ)، (ج)، وأثبته من (ب) ومثله في "الإغفال" ص 288، والسياق يقتضيه.
(¬3) جبذ مقلوب من جذب قلبًا مكانيًّا. انظر: "تهذيب اللغة" (جذب) 11/ 15، "اللسان" (جذب) 1/ 258.
(¬4) في (ب): (وأن).
(¬5) في "الإغفال" وقد سموا الرجل إياسا فما تنكر أن يكون غير قلب، فإن إياسا من إسته إذا أعطيته ... "الإغفال" ص 288، وانظر: "اللسان" (يأس) 6/ 259.
(¬6) الحديد: 16، وفي (ج) زيادة: {أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}.
(¬7) في (ب): (المقتض)، وفي "الإغفال": (المنقض) ص 292.
(¬8) قال أبو علي: (.. فإن قلت كيف يكون فيه ضمير الفاعل، وقد يقال: (أعييتني منذ شب إلى دب) ولو كان في هذا ضمير فاعل لوجب أن يكون مذ شببت إلى أن دببت؟ فالجواب: أنه إنما كان كذلك لأنه كلام مخرجه مخرج الأمثال ... الخ) "الإغفال" ص 287.

الصفحة 53