كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقال الأزهري: أصل القَصّ: القطع. قال أبو زيد: قَصَصتُ ما بينهما، أي: قطعت. قال الأزهري: والقِصَاص في الجِرَاح مأخوذ من هذا، وهو أن يُجْرحَ مثلَ ما جَرَح، أو يُقْتل مثل ما قتل (¬1)، والقول الأول أشهر؛ لأن القصاص والمقاصة في غير الجراح، يقال: قَاصَّه في الحساب وغيره: إذا أخذ الشيء مكان غيره.
وقال الليث: القصاص والتقاص (¬2) في الجراحات والحقوق شيء بشيء (¬3)، وهذا يبين ان معنى القصاص اعتبار المماثلة والمساواة (¬4). وليس معنى الآية أن القصاص واجب علينا حتى لا يسعنا تركه، ولكن معناه: أن اعتبار المماثلة بين القتلى فرضٌ علينا، فالفَرْضِية ترجع إلى اعتبار المماثلة بين (¬5) الدماء، لا إلى نفس القصاص، حتى يلزم قتْلُ القاتلِ حتمًا، فالقصاص حيث يجب إنما يجب إذا وُجِدَتْ المساواة، وهذا يؤكدُ أنَ القولَ في اشتقاق القِصَاص في اللغة إنما هو من الاتباع، لا من القطع كما قاله الأزهري؛ لأنه لو كان من القطع لوجب القصاص حتى لا يسعنا تركه (¬6).
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" 3/ 2976 (قصّ)، وعبارته: والقصاص في الجراح مأخوذ من هذا، يجرحه مثل جرحه إياه، أو قتله به.
(¬2) في (ش): (والتقصاص).
(¬3) نقله عنه في "تهذيب اللغة" 3/ 2976، "لسان العرب" 6/ 3652 (قصّ).
(¬4) ينظر في معنى القصاص "تفسير الطبري" 2/ 102 - 103، "اللسان" 6/ 3652 (قصّ).
(¬5) في (أ)، (م): (من).
(¬6) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 102، 106، "زاد المسير" 1/ 180، "التفسير الكبير" 5/ 48، قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 2/ 83: وصورة فرض القصاص هو =

الصفحة 531