كان العفو من الله تعالى لتعيّنت (¬1) الدية وسقط القصاص أصلًا، ولا معنى لقوله: أي: من عفا الله له بقبول الدية، أي: تفضل الله به عليه؛ لأن هذا رُخِّص لولي الدم في العفو، وهذا التفضل من الله، هذا العفو على القاتل لا على ولي الدم. وقوله: {مِنْ أَخِيهِ} أي: بدل أخيه المقتول (¬2) ليس بشيء؛ لأن قوله: {مِنْ أَخِيهِ} عام في كل المقتول، ليس المراد به (¬3) أخوة النسب، وعلى ما ذكره يختص بالأخ من (¬4) طريق النسب، والحكم في كل مقتول سواء، وليس لتخصيص الأخ فائدة، ومن تأمل هذا ظَهَرَ له فساد قوله.
وقوله: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} على معنى: فعليه اتباع بالمعروف، ولو كان في غير القرآن لجاز: فاتباعًا وأداءً على معنى: فليتبع اتباعًا، وليؤد أداءً (¬5). قال الفراء: وهو بمنزلة الأمر في الظاهر، كما تقول: من لقي العدو فصبرًا واحتسابًا، فهذا نصب (¬6)، ورفعه جائز، على معنى: فعليه. ومثله في القرآن كثير، كقوله: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196]، {فَتَحرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92]، {فَإمسَاكُ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 229]، وليس شيء من هذا إلا ونصبه جائز على أن توقع عليه الأمر. ومما جاء منصوبًا قوله:
¬__________
(¬1) في (م): (لم ثبتت).
(¬2) في (م): (العفو).
(¬3) ليست في (م).
(¬4) ليست في (ش).
(¬5) من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 249، وينظر: "تفسير الطبري" 2/ 110، "تفسير الثعلبي" 2/ 182.
(¬6) في (م): (نصبه).