سلامًا، وكلَّمْتُ كلامًا، قال الله تعالى: {وَسَرِّحُوهُن سَرَاحًا} [الأحزاب: 49]. وقوله تعالى: {إِلَيْهِ} الكناية ترجع إلى العافي، ودل عليه {عُفِىَ}، لأنا قد ذكرنا أَنَّ الفعل يدل على الفاعل، فكأنه ذُكِر (¬1) (¬2).
وقوله: {بِإِحْسَانٍ} قال ابن عباس، في رواية عطاء (¬3): يريد: أن يؤديَ الدية في نجومها، ولا يَمْطُلَه، ولا يذهبَ بشيء (¬4) منها، هذا هو الإحسان.
قال المفسرون: إن الله تعالى أمر الطالب أن يطلب بالمعروف، ويتبع الحق الواجب له، من غير أن يطالبه بالزيادة، أو يكلفه ما لا يوجبه الله، أو يشدد عليه (¬5). كل هذا تفسير المعروف، وأَمَرَ المطلوب منه بالإحسان في الأداء، وهو ترك المَطْل والتسويف، وهذا لا يختص بثمن الدم، بل كل دين فهذا سبيله (¬6).
وقوله: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} قال عطاء عن ابن عباس: يريد حيث جعل الدية لأمتك يا محمد (¬7).
¬__________
(¬1) في (ش): كأنها: (ذكره).
(¬2) ينظر تفسير الواحدي لقوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177].
(¬3) في (م): (شيئًا).
(¬4) تقدم الحديث عن هذه الرواية.
(¬5) "تفسير الثعلبي" 2/ 182.
(¬6) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 55، "تفسير القرطبي" 2/ 235 - 236. وقوله: بل كل دين فهذا سبيله، ففي حق الطالب قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}. وفي حق المطلوب قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته".
(¬7) رواه الطبري بمعناه 2/ 111، وابن أبي حاتم 1/ 296.