كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقوله تعالى: {حَقًّا} أي: حقَّ ذلك عليكم حقًّا (¬1).
وقوله تعالى: {عَلَى الْمُتَّقِينَ} أي: المؤمنين الذين يتقون الشرك (¬2).
وقد اجتمعت العلماء على نسخ هذه الآية (¬3).
وكان السبب في نزول هذه الآية: أن أهل الجاهلية كانوا يوصون بمالهم للبعداء رياءً وسمعةً، ويتركون العيالَ عالةً، فصرف الله بهذه الآية ما كان يُصرف إلى البعداء إلى الأهلِ والأقرباء، فَعُمِل بها ما كان العمل صلاحًا، ثم نسختها آية المواريث (¬4)، فكانت الوصية للوالدين والأقربين فرضًا على من مات وله مال، حتى نَزَلَتْ آيةُ المواريث في سورة النساء، فأجمعوا على نسخ الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون (¬5)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
¬__________
(¬1) من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 251، وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 194، "المحرر الوجيز" 2/ 97، "البحر المحيط" 1/ 21، وقيل: نصب على المفعول، أي: جعل الوصية حقًّا، وقيل: على القطع من الوصية.
(¬2) "تفسير الطبري" 2/ 115، "تفسير الثعلبي" 2/ 194.
(¬3) تابع المؤلف -رحمه الله- الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 249 في هذا الإجماع، وسيأتي في كلامه ما يدل على نقض هذا الإجماع، وممن ذكر الخلاف في الآية فأطنب: الإمام الطبري في "تفسيره" 2/ 116، ولو قال -رحمه الله-: أجمع العلماء على نسخ حكم هذه الآية في القريب الوارث، لكان مقاربا، وهذا ما ذكره بعد عدة أسطر.
(¬4) أشار إلى هذا الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 250، وذكره الرازي 5/ 60.
(¬5) رواه عن ابن عباس: البخاري (2747) كتاب الوصايا، باب: لا وصية لوارث، وأبو داود (2869) الوصايا، باب: ما جاء في نسخ الوصية للوالدين، والدارمي 2/ 419 - 420، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص230، والطبري 2/ 117 - 119.

الصفحة 546