كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

أهل الآثار والرأي، وهو القول المعمول به، أن الوصية جائزة للناس كلهم، ما خلا الورثة، غير واجبة (¬1).
والخير في هذه الآية حمل على المال الكثير (¬2)، فقد روي عن علي رضي الله عنه أنه دخل على مريض يعوده، فقال: إني أريد أن أوصي، فقال علي: إن الله عز وجل يقول: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} وإنما تدع شيئًا يسيرًا، فَدعه لعيالك، فإنه أفضل (¬3).
وروي أيضًا أن رجُلًا قال لعائشة رضي الله عنها: إني أريد أن أوصي، قالت: كم مالك؟ قال: ثلاثة آلاف، قالت: كم عيالك؟ قال: أربعة، قالت: إنما قال الله: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} وإن هذا شيء يسير، (¬4) فاتركه
¬__________
(¬1) "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص 231.
(¬2) الخير هنا: المال، في قول جميع المفسرين، وقد اختلف المفسرون فيه: فمنهم من جعل له حدًا معينًا، فمن ترك ذلك أوصى، وإلا فلا، واختلفوا في ذلك الحد، ومنهم من قيده بوصف، وهو المال الكثير عرفا كما بينه الواحدي، ومنهم من أطلق في القليل والكثير، كما روي عن الزهري، ونصره الطبري. ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 121، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 299، "التفسير الكبير" 5/ 59، "البحر المحيط" 1/ 17.
(¬3) رواه الثوري في "تفسيره" ص 55، وعنه عبد الرزاق في "المصنف" 9/ 63، والدارمي في "سننه" 2/ 405، والطبري في "تفسيره" 2/ 121، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 298، وسعيد بن منصور في "سننه" 2/ 659، والبيهقي 6/ 270، وابن أبي شيبة في "المصنف" 11/ 208، والحاكم في "المستدرك" 2/ 301، وقال: صحيح على شرط الشيخين وتعقبه الذهبي بقوله: فيه انقطاع يعني الانقطاع بين عروة بن الزبير وعلي -رضي الله عنه-.
(¬4) في (م): (شيئًا يسيرًا).

الصفحة 549