كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

راجعة إليه. والمعنى: فمن بدله بعد الذي سمعه، أي: من تغليظ الإثم في التبديل، والعادة في الوصايا أن يُذْكَر فيها تغليظٌ على من بدَّلَها، وهذا فيه بعد؛ لأن التغليظَ ذُكِر بعد قوله: {بَعْدَمَا سَمِعَهُ} وهو قوله تعالى: {فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} فيبعد أن تجعل ما بمعنى الذي (¬1).
وقوله: {فَإِنَّمَا إِثْمُهُ} أي: إثم التبديل على الذين يبدلونه (¬2)، أي: على من بدل الوصية، وبرئ الميت (¬3).
{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} قد سمع ما قاله الموصي {عَلِيمٌ} بنيته وما أراد، وعليم بما يفعله الوصي (¬4). ويحتمل أن يكون المنهي عن التبديل المُوصي، نهي عن تغيير الوصية عن المواضع التي بين الله سبحانه، وأمر أن يوصي على الوجه الذي أمر الله، وعلى هذا قوله: {بَعْدَمَا سَمِعَهُ} أي: عن (¬5) الله تعالى (¬6).

182 - قال الكلبي: كان الأولياءُ والأوصياءُ يمضون وصية الميت بعد نزول هذه الآية وإن كانت مستغرقة للمال، فأنزل الله قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} (¬7) أي: خشي، وقيل: علم.
¬__________
(¬1) ينظر في هذه الأقوال: "تفسير الطبري" 2/ 122، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 300، "التبيان" للعكبري ص 114، "التفسير الكبير" 5/ 64، "البحر المحيط" 2/ 22.
(¬2) من قوله: (فيبعد) ساقط من (ش).
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 122، 123، "الثعلبي" 2/ 208، "البغوي" 1/ 194.
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 123، "الثعلبي" 2/ 208، "البغوي" 1/ 194.
(¬5) في (م): (من).
(¬6) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 64.
(¬7) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 217، لكنه قال: ثم نسختها هذه الآية: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا}. وذكره البغوي 1/ 194، وروى عبد الرزاق في "المصنف" 9/ 89 عن سفيان الثوري نحوه.

الصفحة 551