فلما لبسن الليل أو حين نصَّبت ... له من خذا آذانها وهو جانح (¬1)
أراد: أو حين أقبل (¬2).
ونذكر في الآية التي بعد هذه حكم المرض والسفر في الصوم.
وأصل السَّفَر من الكشف، وذلك أنه يكشف من أحوالِ الرجالِ وأخلاقهم، والمِسفَرة: المكنس؛ لأنها تُسِفر التراب عن الأرض، والسَّفيرُ: الداخل بين اثنين للصُّلح؛ لأنه يكشف المكروه الذي اتصل بهما، والمُسْفِر: المضيء؛ لأنه قد انكشف وظهر، ومنه: أسفر الصبح، والسِّفُر: الكتاب؛ لأنه يكشف عن المعاني ببيانه، ومنه {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [عبس: 15]، أي: كتبة؛ لأن الكاتب يكشف عن المعاني، وسفرتِ المرأةُ عن وجهها: إذا كشفت النقاب (¬3).
قال الأزهري: وسمي المسافر مُسَافرًا، لكَشْفِه قناع الكِنِّ عن وَجْهه، وبروزه للأرض الفضاء، وسُمي السَّفرُ سَفَرًا؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافِيًا مِنْهَا (¬4).
وقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ} أي: فعليه عدة، كقوله: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178]، والتقدير: فعليه صومُ عِدّةٍ، ويكون هذا من باب حذف المضاف (¬5).
¬__________
(¬1) البيت في "ديوانه" ص 898.
(¬2) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 252، "تفسير الثعلبي" 2/ 239، "البحر المحيط" 2/ 32 - 33، "التبيان" ص116.
(¬3) ينظر في السفر: "تهذيب اللغة" 2/ 1701، "المفردات" ص 239، "لسان العرب" 4/ 2024 (سفر).
(¬4) "تهذيب اللغة" 2/ 1702 (سفر).
(¬5) "تفسير الطبري" 2/ 132، "البحر المحيط" 2/ 32، "التبيان" 1/ 116.