كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي: الصوم خيرٌ لكم، فالجملة ابتداء وخبر.
والمعنى: والصوم خيرٌ لكم من الإفطار والفدية، وهذا إنما كان خيرًا لهم قبل النسخ، وبعد النسخ فلا يجوز أن يقال: الصوم خيرٌ من الإفطار والفدية (¬1).

185 - قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} الآية، الشهر: مأخوذ من الشهرة، تقول شَهَرَ الشيء يَشْهَرُه شَهْرًا: إذا أظهره، وسمي الشَّهْرُ شهرًا لشهرة أمره في حاجة الناس إليه في معاملاتهم، ومحل ديونهم، وقضاء نسكهم في صومهم وحجهم وغير ذلك من أمورهم.
قال الليث: والشهر: ظهور الشيء، وسمي (¬2) الهلال شهرًا، قال ابن الأعرابي: لأنه يشهر به (¬3).
¬__________
= عمم بقوله: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا}، فلم يخصص بعض معاني الخير دون بعض، فإن جمع الصوم مع الفدية من تطوع الخير، وزيادة مسكين على جزاء الفدية من تطوع الخير، وجائز أن يكون الله -تعالى ذكره- عنى بقوله: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا}، أيَّ هذه المعاني تطوع به المفتدي من صومه فهو خير له؛ لأن كل ذلك من تطوع الخير ونوافل الفضل. وقد ذكر ابن العربي 1/ 80 قول من قال: (فمن تطوع)، أي: زاد على طعام مسكين، وقيل: من صام، وهذا ضعيف؛ لقوله تعالى بعد ذلك: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}. معناه: الصوم خير من الفطر في السفر، وخير من الإطعام، وتحقيق ذلك أن الصوم الفرض خير من الإطعام النفل، والصدقة النفل خير من الصوم النفل .. اهـ
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 253.
(¬2) في (م): (ويسمى).
(¬3) نقله عنه في "اللسان" 4/ 2351 (شهر).

الصفحة 569