كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

لم يكن شهر رمضان منصوصًا على صومه بهذا (¬1) اللفظ، إنما يكون مخبرًا عنه بإنزال القرآن فيه، قال: وإذا جعلت الذي وصفًا كان حقُّ النظر أن يكنى عن الشهر في قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} كقولك: شهر رمضان المبارك من شهده فليصمه، قال: وهذا كقوله: {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة:1 - 2] و {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:1 - 2] ونحو ذلك، يعنى: أن ذكر الابتداء أعيد ولم يُكْنَ عنه للتعظيم، كذلك في هذه. والفاء في قوله: {فَمَنْ شَهِدَ} داخل على خبر الابتداء، وليس من حق خبر الابتداء (¬2) دخول الفاء عليه. ونذكر الكلام فيه إذا انتهينا إليه (¬3).
و {رَمَضَانَ} لا ينصرف للتعريف وزيادة الألف والنون، مثل: عثمان وسَعْدان. واختلفوا في اشتقاق {رَمَضَانَ}، فقال بعضهم: هو مأخوذ من الرمض، وهو حرُّ الحِجَارة من شدّة حَرِّ الشمس، والاسم: الرَمْضَاء، رَمِضَ الإنسان رَمَضًا: إذا مشى على الرَمضاء، والأرض رَمِضة، فسُمي هذا الشهر رمضان؛ لأن وجوبَ صَومه وافقَ بشِدَّة الحرّ، وهذا القول حكاه الأصمعي عن أبي عمرو (¬4).
وحكي عن الخليل أنه قال: مأخذه من الرَّمَضي (¬5)، وهو من السَحَاب
¬__________
(¬1) في (ش): (فهذا).
(¬2) في (م): (المبتدأ).
(¬3) ينظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 112 - 113، "تفسير الطبري" 2/ 146 - 149، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 253، "تفسير الثعلبي" 2/ 263، "التبيان" ص118، "البحر المحيط" 1/ 38 - 39، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 238.
(¬4) رواه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 267، وقد ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 2/ 1468 (رمض) ولم ينسبه لأحد.
(¬5) عند الثعلبي: (الرمض).

الصفحة 571