كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقال الفراء: ظن أن القرآن سمي من القرائن، وذلك أن الآيات يصدق بعضها بعضًا، ويشبه بعضها بعضًا، فهي قرائن، فمذهب هؤلاء أنه غير مهموز (¬1).
وأما الذين همزوا اختلفوا، فقالت طائفة: إنه مصدر القراءة.
قال أبو الحسن اللحياني (¬2) (¬3): يقال: قرأت القرآن، فأنا أقرأه قَرْأً (¬4) وقراءةً وقرآنًا، وهو الاسم، قوله: وهو الاسم يعني: أن القرآن يكون مصدرًا لقرأت، ويكون اسمًا لكتاب الله، ومثل القرآن من المصادر: الرُّجْحَان والنُّقْصَان والخُسْران والغُفْران (¬5)، قال ابن مقبل (¬6):
يُقَطِّعُ اللَّيلَ تسبيحًا وقرآنًا (¬7)
أي: قراءة، هذا هو الأصل، ثم المقروء، ويسمي قرآنًا لأن المفعول يسمى بالمصدر، كما قالوا للمشروب: شراب، وللمكتوب: كتاب، واشتهر هذا الاسم في المقروء حتى إذا طرق الأسماع سبق إلى القلوب أنه المقرُوء، ولهذا لا يجوز أن يقال: القرآن مخلوق مع كون القراءة مخلوقةً؛
¬__________
(¬1) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 86.
(¬2) هو: علي بن المبارك، وقيل ابن حازم، أبو الحسن اللحياني، تقدم.
(¬3) "تهذيب اللغة" 3/ 2912 (قرأ).
(¬4) في (م): (قراء).
(¬5) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 86، "اللسان" 6/ 3563 (قرأ).
(¬6) هو: الشاعر تميم بن أبي بن مقبل العجلاني، تقدم.
(¬7) صدر البيت:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به
والبيت لحسان بن ثابت في رثاء الخليفة عثمان - رضي الله عنه - كما في "المغني" 1/ 218، رقم 363، "البحر المحيط" 2/ 32، ومعنى الأشمط: شيب اللحية.

الصفحة 577