كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وتأويله: أنزل القرآن بيانًا للناس (¬1).
والبيِّنَات: جَمْعُ بينة، يقال: بانَ الشيءُ يبين بيانًا فهو بين، مثل: بيِّع بمعنى بايع. والبيِّنات: الواضحات (¬2).
وقوله تعالى: {مِنَ الْهُدَى} يريد: من الحلال والحرام والحدود والأحكام.
وذكرنا معنى الفرقان في قوله: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} [البقرة: 53]، قال عطاء عن ابن عباس في قوله: {وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى}: يريد: من الرشاد إلى مرضاة الله، {وَالْفُرْقَانِ} يريد: فرّق فيه بين الحق والباطل، وبيّن لكم ما تأتون وما تَذَرُونُ.
وقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ} زعم الأخفش والمازني: أن الفاء ههنا زائدة، وذلك أن الفاء تدخل للعطف أو للجزاء أو زيادة، وليس للعطف ولا للجزاء ههنا مذهب (¬3)، ومن زيادة الفاء: قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: 8] وقول الشاعر:
لا تجزعي إِنْ مُنْفِسًا أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (¬4)
ألا ترى أن إحدى الفاءين لا تكون إلا زائدة؛ لأن (إذا) إنما تقتضى جوابًا واحدًا.
¬__________
(¬1) ينظر: "البحر المحيط" 2/ 40.
(¬2) ينظر: "تفسير البغوي" 1/ 199.
(¬3) نقله عنه في "التفسير الكبير" 5/ 87 - 88، والعكبري في "التبيان" ص 117، 118.
(¬4) البيت للنمر بن تولب في "ديوانه" ص 72، وانظر: "لسان العرب" 8/ 4503 (نفس).

الصفحة 581