كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

فجاز ذلك، ويستدل على (أن) في هذه الآية (¬1) مضمرة أنه قال: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ} [الأنفال: 26]، {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: 86]، فلما ذكر هاهنا (واذكروا) (¬2) مع (إذ) علم أنه مراد مع (إذ) وإن حذف (¬3).
وقوله تعالى: {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} قال ابن عباس: اختلفتم فيها (¬4).
وقال الربيع: تدافعتم (¬5).
وأصل الدرء: الدفع، يعني: ألقى ذاك على هذا، وهذا على ذاك، فدافع كل واحد عن نفسه (¬6). والتدارؤ والمدارأة مهموزتان.
قال أبو عبيد: وهي المشاغبة والمخالفة على صاحبك (¬7).
ومنه حديث قيس بن السائب (¬8): "كان رسول الله صلى الله عليه
¬__________
(¬1) في "معاني القرآن": ويستدل على أن (واذكروا) مضمرة مع (إذ) أنه قال: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ} 1/ 35.
(¬2) في (ج): (واذكر).
(¬3) انتهى النقل عن الفراء. "معاني القرآن" 1/ 35.
(¬4) "تفسير الثعلبي" 1/ 85 أ، وانظر: "تفسير البغوي" 1/ 84، "زاد المسير" 1/ 101.
(¬5) "تفسير الثعلبي" 1/ 85 أ، وانظر: "تفسير البغوي" 1/ 84.
(¬6) "تفسير الثعلبي" 1/ 85 أ. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 126. "تفسير الماوردي" 1/ 367. وذكر الطبري في معنى الآية قولين: الأول: اختلفتم وتنازعتم، والثاني: تدافعتم، قال: وهو أي: القول الثاني قريب من المعنى الأول 1/ 356. وذكر ابن فارس: أن (الدرء) مهموز: أصل واحد بمعنى: الدفع. "مقاييس اللغة" (درى) 2/ 271.
(¬7) "غريب الحديث" 1/ 337، "تهذيب اللغة" (درى) 2/ 1181.
(¬8) هو قيس بن السائب بن عويمر بن عائذ بن مخزوم، ذكر ابن حجر عن ابن حبان: أن له صحبة. انظر: "الجرح والتعديل" 7/ 99، و"الإصابة" 3/ 238.

الصفحة 59