الخيطان: هما الفجران، سميّا لامتدادهما، تشبيهًا بالخيطين.
وقوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} الفجر: مصدر قولك: فَجَرْتُ الماء أَفْجُره فَجْرًا، وفَجرتُه تفجيرًا، فانفجر انفجارًا، إذا سال.
قال الأزهري: أصله: الشق، ومنه: فَجْرُ السِّكْر (¬1)، فعلى هذا، الفجر في آخر الليل: هو شق عمود الصبح الليل، شَبَّه شقَّ الضوءِ ظُلْمةَ الليل بفجر الماء الحوض (¬2).
قال سهل بن سعد (¬3): لما نزل قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} كان الرجل إذا أراد الصوم ربط في رجله خيطين أسود وأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رِئْيُهُما، فأنزل الله: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنه يعني: الليل والنهار (¬4). فالأكل للصائم بالليل
¬__________
= الصلاة، ولا يحرم الطعام على الصائم. والثاني: هو المستطير الذي ينتشر ويأخذ الأفق، وهو الفجر الصادق الذي يحل الصلاة ويحرم الطعام على الصائم، وهو المعني بهذه الآية. ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 172، والبيهقي 4/ 215، "تفسير الثعلبي" 1/ 334.
(¬1) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 177، "تهذيب اللغة" 3/ 2743، "تفسير الثعلبي" 2/ 367، "المفردات" 75، "اللسان" 6/ 3351 (فجر).
(¬2) "تفسير الثعلبي" 2/ 367.
(¬3) هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبو العباس، له ولأبيه صحبة، توفي سنة 88 هـ. وقيل بعدها. ينظر: "أسد الغابة" 2/ 472، "تقريب التهذيب" ص 257 (2658).
(¬4) رواه البخاري (4511) كتاب التفسير، باب: قوله: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض وكذا برقم (1917) كتاب الصوم، باب: قول الله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}، ومسلم (1091) كتاب الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.