وقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} أشار إلى الأحكام التي ذكرها في هذه الآية. وأما معنى الحد، فقالَ الليثُ: فَصْل ما بينَ كلِّ شَيْئين: حد، ومنتهى كل شيء حدُّه.
قال الأزهري: ومن هذا: حدود الأرضين، وحدود الحرم.
قال أهل اللغة: أصل الحد: الصرفُ والمنعُ عن (¬1) ومنه يقال للمحروم: محدودٌ؛ لأنه ممنوع عن الرزق، ولهذا قيل للبواب: حدَّاد؛ لأنه يمنع الناس من الدخول، قال الأعشى:
وقُمْنا ولَّما يَصِحْ ديكُنَا ... إلى جَوْنَةٍ عند حَدَّادها (¬2).
يعني: صاحبها الذي يحفظها ويمنعها (¬3)، والجونة: الخابية، ومنه قول النابغة:
...... فاحدُدْها عن الفَنَد (¬4)
¬__________
= عليه إن فعل. وينظر في المسألة: "الإجماع" لابن المنذر ص 4، "الكافي" لابن عبد البر 1/ 308، "فتح الباري" 4/ 272.
(¬1) في نسختى (أ) (م): (عن)، وكأن في الكلام باقيًا لم يذكر.
(¬2) ورد البيت هكذا:
فقمنا ولما يصحْ ديكنا ... إلى خمرة عند حدّادها
والبيت في "ديوانه" 69، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 308 "مجمل اللغة" 1/ 210، "الصحاح" 2/ 462 "تفسير الثعلبي" 2/ 380، والجونة: خابية الخمر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 308.
(¬3) "تفسير الثعلبي" 2/ 380.
(¬4) تمام البيت:
إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم في البرية فاحددها عن الفند
والبيت للنابغة الذبياني في "ديوانه" ص 12، والقرطبي 9/ 260، "البحر المحيط" 5/ 340، "الدر المصون" 6/ 557، "اللسان" 2/ 801، "تاج العروس" 4/ 411=