وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ} أي: مثل هذا البيان الذي ذكر (¬1).
188 - قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} أي: لا يأكل (¬2) بعضكم مالَ بعضٍ. فأضافَ الأموالَ إليهم؛ لأن المؤمنين كجسد واحدٍ في توادِّهم وتعاطفِهم وتَرَاحمِهم، كذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ومثله قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] (¬4).
وقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} معنى الباطل في اللغة: الذاهب الزائل، يقال: بَطَلَ الشيء يبطُل بُطْلًا وبُطولًا فهو باطل، ويجمع الباطل: بَوَاطل، وأَبَاطِيل جمع أُبْطُولَة، ويقال: بَطَل الأجيرُ يَبْطُلُ بِطَالَة، إذا تَعَطَّل واتبع اللهو، ومثله: تبطّل (¬5).
¬__________
(¬1) من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 257، وينظر: "تفسير الطبري" 2/ 183، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 320، "التفسير الكبير" 5/ 116.
(¬2) في (أ): (لأكل).
(¬3) عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" أخرجه البخاري في الأدب باب: رحمة الناس والبهائم (6011)، ومسلم في: البر والصلة، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم، وتعاضدهم (2586) (6011) كتاب الأدب، باب: رحمة الناس والبهائم، ومسلم (2586) كتاب البر والصلة، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم.
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 183، "تفسير الثعلبي" 2/ 383، "تفسير البغوي" 1/ 210، "التفسير الكبير" 1/ 116. وقال: اعلم أنهم مثلوا قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ}، بقوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}، وهذا مخالف لها؛ لأن أكله لمال نفسه بالباطل يصح كما يصح أكله مال غيره.
(¬5) ينظر: "تهذيب اللغة" 1/ 350 بطل، "تفسير الثعلبي" 2/ 383، "الصحاح" 4/ 1635، "المفردات" ص61، "اللسان" 1/ 302 بطل.