كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

قال ابن عباس: يعني: بغير طاعة الله عز وجل، واليمين الكاذبة يقتطع الرجل بها مال أخيه المسلم (¬1).
قال أهل المعاني: الأكلُ بالباطل على وجهين:
أحدهما: أن يكون على جهة الظلم، من نحو: الغَصْب والخيانة والسرقة، والثاني: على جهة اللهو واللعب، كالذي يُؤْخَذُ في القمار والملاهي ونحوها، كلُّ ذلك من أكل المال الباطل (¬2).
وقوله تعالى: {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} في محل {وَتُدْلُوا} من الإعراب قولان (¬3) ذكر في قوله: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 42]. وأصل الإدلاء في اللغة: إرسال الدلو وإلقاؤها في البئر، قال الله تعالى: {فَأَدْلَى دَلْوَهُ} [يوسف: 19]، ثم جعل كل إلقاء قول أو فعل إدلاءً، ومنه يقال للمحتج: أدلى بحجته، كأنه يرسلها ليصل إلى مراده إدلاءَ المستقى الدلوَ ليصل إلى مطلوبه من الماء، ويقال: فلان يُدلي إلى الميت بقرابة ورَحِم، إذا كان يَمت إليه من هذا؛ لأنه يطلب الميراث بتلك القرابة طلب
¬__________
(¬1) هذا من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.
(¬2) ينظر. "تفسير القرطبي" 2/ 317، "زاد المسير" 1/ 194، ونقل عن القاضي يعلى أن الباطل على وجهين: أحدهما: أن يأخذه بغير طيب نفس من مالكه كالسرقة. والثاني: أن يأخذه بطيب نفسه كالقمار والغناء وثمن الخمر.
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 184، "معاني القرآن" للفراء 1/ 115، "تفسير القرطبي" 2/ 319، "التبيان" للعكبري 1/ 120، وذكر الوجهين، وهما: الجزم عطفًا على لا تأكلوا، والنصب على معنى الجمع أي: لا تجمعوا بين أن تأكلوا وتدلوا، وقيل: نصب بإضمار أن الخفيفة، وقال الأخفش: نصب على الجواب بالواو. ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 386، "معاني القرآن" للأخفش 1/ 353.

الصفحة 613