الحرف، وذلك قولهم ماضغٌ لِهِمٌ، ورجل ضِحِكٌ (¬1)، وقالوا في الفعل: شِهِدَ ولِعِب، وقد استعملوا في إرادة التقريب ما ليس في كلامهم (¬2) على بنائه البتة، وذلك نحو شِعِير ورِغيف وشِهِيد، وليس في الكلام شيء على فِعِيل على غير هذا الوجه، فكذلك في {اَلْبُيُوتَ} يستجاز فيه ما ذكرنا للتقريب والتوفيق بين الحرفين. ومما يدل على جواز ذلك: أنه إذا كانت عين الحرف ياءً جوزوا كسر الفاء في التحقير، فقالوا: عِيَيْنَةُ وبِيَيْتٌ، بكسر الفاء، للتقريب من الياء، وإن لم يكُن في أبنية التحقير على هذا الوزن. ويدلّ على صحة هذا: أنه قد جاء في الجموع ما لزمته الكسرة في الفاء، وذلك قولهم في جمع قوس: قِسي، فلولا أن الكسر قد تَمَكَّن في هذا الباب للتقريب من الياء ما كان الحرف يجيء على الكسر خاصة حتى لا يستعمل فيه غيره (¬3).
190 - قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: في دين الله وطاعته (¬4)، قال الربيع (¬5) وابن زيد (¬6): هذه أول آية نزلت في القتال، فلما نزلت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقاتل من قاتله، ويكفُّ عمن كف عنه، حتى
¬__________
(¬1) هكذا بالأصل، وفي الحجة: مِحِك.
(¬2) في (م): (الكلام).
(¬3) من "الحجة" 2/ 282 - 283 باختصار وتصرف.
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 189، "الثعلبي" 2/ 398، "البغوي" 1/ 212.
(¬5) رواه عنه الطبري 2/ 189، وذكره الثعلبي 2/ 398، والجصاص في "أحكام القرآن" 1/ 257.
(¬6) رواه عنه الطبري 2/ 189، وذكره النحاس في "الناسخ والمنسوخ" 1/ 516، والثعلبي 2/ 398.