كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وذكرنا معاني الفتنة عند قوله: {إِنَّمَا نَحنُ فِتنَةٌ} [البقرة: 102].
وقال بعض أصحاب المعاني: سُمِّيَ الكفرُ فتنةً: لأن الكفر إظهار الفساد عند الاختبار، وأصل الفتنة: الاختبار (¬1).
وقوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} قال مقاتل: نَسَخَ هذا قولَه: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم} ثم (¬2) نسخ هذا قولُه: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]، فهذه الآية ناسخة ومنسوخة، وعنده يجوز الابتداء بالقتال في الحَرَم (¬3).
¬__________
= الآية: ارتداد المؤمن إلى الأوثان أشد عليهم من أن يقتل محقًا، وهذا قول مجاهد. ينظر: "زاد المسير" 1/ 191 - 199، وقال الكسائي: الفتنة هاهنا. العذاب، وكانوا يعذبون من أسلم كما في "تفسير الثعلبي" 2/ 408.
(¬1) ينظر: "زاد المسير" 1/ 198، "التفسير الكبير" 5/ 130.
(¬2) ليست في (أ)، (م).
(¬3) ذكره عن مقاتل بن حيان: الثعلبي في "تفسيره" 2/ 410، وبنحوه رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 326، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 228، وفي "زاد المسير" 1/ 199 - 200، واختاره الطبري في "تفسيره" 2/ 193، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" 1/ 521، ومكي في "الإيضاح" 157، ونسبه ابن عطية في "تفسيره" 2/ 139 للجمهور، وقد ناقش الرازي في "تفسيره" 5/ 129 - 130 قول مقاتل، ثم ضعفه فقال: وأما قوله: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، فهذا من باب التخصيص لا من باب النسخ، وأما قوله: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، منسوخة بقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، فهو خطأ أيضا؛ لأنه لا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم، وهذا الحكم ما نسخ بل هو باق، مثبِت أن قوله ضعيف، ولأنه يبعد من الحكيم أن يجمع بين آيات متوالية تكون كل واحدة ناسخة للأخرى. اهـ وممن رجح القول بعدم النسخ: ابن العربي في الناسخ والمنسوخ 2/ 58، وابن الجوزي. اهـ. في نواسخ القرآن 228، بعدم النسخ: ابن العربي في "الناسخ والمنسوخ" 2/ 58، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" 228،=

الصفحة 625