كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وقال آخرون: إنهم نُهُوا عن ابتدائهم بقتل أو قتال، حتى يبتدئ المشركون بذلك، وهذه الآية محكمة. ولا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم، وعلى هذا أكثر المفسرين، وغلّطوا مقاتلًا فيما قال (¬1).
وقرأ حمزةُ والكِسائي (ولا تقتلوهم) (حتى يقتلوكم) (فإن قتلوكم) هذه الثلاثة بغير ألف (¬2)، وجاز ذلك، وإن وقع القتل ببعض دون بعض؛ لأن العرب تقول: قتلنا بني تميم، وإنما قتلوا بعضهم (¬3).

193 - وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: شرك (¬4)، يعني: قاتلوهم حتى يُسْلموا، فليس يُقْبَلُ من المشرك الوثني جِزْيةٌ، ولا يُرضى منه إلا بالإسلام (¬5)، {وَيَكُونَ الدِّينُ}، أي: الطاعة والعبادة {لله}
¬__________
= والقرطبي 2/ 330، وابن كثير 1/ 242 قال النحاس في "الناسخ والمنسوخ" 1/ 519: هذه الآية من أصعب ما في الناسخ والمنسوخ.
(¬1) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 130، "تفسير القرطبي" 2/ 330، ونسبه الطبري في "تفسيره" 2/ 192 إلى مجاهد، وقال القرطبي: وبه قال طاوس، وهو الذي يقتضيه نص الآية، وهو الصحيح من القولين، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، ثم استدل بحديث ابن عباس، وفيه: وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وقد ذكر -رحمه الله- أدلة الفريقين.
(¬2) قرأ حمزة والكسائي وخلف بحذف الألف في الثلاثة، والباقون بإثباتها. "النشر" 2/ 226 - 227.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 264، "تفسير الثعلبي" 2/ 409.
(¬4) ينظر: "تأويل مشكل القرآن" 374، "تفسير الطبري" 2/ 194، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 327 حيث ذكر الآثار في ذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والربيع وابن زيد. وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 411.
(¬5) "تفسير الثعلبي" 2/ 411، وقد ذكر عن المفضل بن سلمة الحكمةَ في أخذ الجزية =

الصفحة 626