كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وحده، ولا يُعبد دونه شيء (¬1).
{فَإِنِ انْتَهَوْا} أي: عن الكفر (¬2) {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} أي: الكافرين الواضعين العبادة في غير موضعها (¬3)، والذي عليهم إنما سماه عدوانًا على معنى الجزاء والقصاص؛ لأن ما يكون منهم عُدوان فسمي الذي عليهم عدوانًا، كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وذلك أنه في صورة العدوان من حيث إنه قَتلٌ ونهبٌ واسترقاقٌ (¬4).

194 - قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} قال المفسرون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صُدّ عام الحديبية سنة ستٍ، ثم عاد في سنة سبع، ودخل مكة وقضى العُمرة في ذي القَعدة، فأنزل الله هذه الآية، يريد: ذو القعدة، الذي دخلتم فيه مكةَ، واعتمرتم {بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ}: ذي القعدة، الذي صددتم فيه عن البيت، يعني: أن هذا جزاء ذاك وبدله. وتأويله: العمرة في الشهر
¬__________
= من أهل "الكتاب" دون غيرهم، قال القرطبي في "تفسيره" 2/ 353: وقاتلوهم، أمر بالقتال لكل مشرك في كل موضع، على من رآها ناسخة، ومن رآها غير ناسخة قال: المعنى: قاتلوا هؤلاء الذين قال الله فيهم: فإن قاتلوكم، والأول أظهر، وهو أمر بقتال مطلق لا بشرط أن يبدأ الكفار، وقد بين في "زاد المسير" 1/ 200 بأن القول بالنسخ إنما يستقيم إذا قلنا إن معنى الكلام: فإن انتهوا عن قتالكم مع إقامتهم على دينهم، وأما إذا قلنا: إن معناه: فإن انتهوا عن دينهم، فالآية محكمة.
(¬1) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 195، "تفسير الثعلبي" 2/ 412.
(¬2) في "تفسير الثعلبي" 2/ 413: فإن انتهوا عن القتال والكفر.
(¬3) "تفسير الثعلبي" 2/ 413، "تفسير البغوي" 1/ 214، أو من بدأ بقتال على التأويل الثاني. ينظر: "تفسير القرطبي" 2/ 354.
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 195، 196، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 265، "تفسير الثعلبي" 2/ 413، "تفسير القرطبي" 2/ 332.

الصفحة 627