كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وأكثر أهل التفسير على أن معنى قول {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، أي: لا تمسكوا ولا تبخلوا عن الإنفاق في سبيل الله.
والمراد بهذه الآية: النَّهْيُ عن ترك النفقة في الجهاد، إما أن ينفق على نفسه ويخرج، وإما أن ينفق على من يغزو من المسلمين (¬1)، حتى قال ابن عباس: أنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا سهم أو مشقص، ولا يقولن أحدكم: لا أجد شيئًا (¬2).
وقال السدي، في هذه الآية: أنفق في سبيل الله ولو عقالًا. {وَلَا تُلْقُوا
¬__________
= 1/ 215 - 217، "زاد المسير" 1/ 203، "البحر المحيط" 2/ 70، وذكر تسعة أقوال ثم قال: وهذه الأقوال كلها تحتمل هذه الآية، والظاهر أنهم نهوا عن كل ما يؤول بهم إلى الهلاك في غير طاعة الله، وقال الطبري في "تفسيره" 3/ 593: فالصواب أن يقال: إن الله نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا، والاستسلام للهلكة وهي العذاب بترك ما لزمنا من فرائضه، فغير جائز لأحد منا الدخول في شيء يكرهه الله منا مما نستوجب بدخولنا فيه عذابه، ثم ذكر أثر ابن عباس: التهلكة: عذاب الله.
(¬1) ذكر الطبري في "تفسيره" 2/ 200 - 202، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 331 الآثار في ذلك عن حذيفة، وابن عباس وعكرمة والحسن ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وأبي صالح والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان وقتادة ومحمد بن كعب القرظي، وينظر: "صحيح البخاري" 5/ 185، و"تفسير سفيان الثوري" ص 59، وسعيد بن منصور في "السنن" 3/ 710، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 74، والجصاص في "أحكام القرآن" 1/ 262.
(¬2) رواه عنه سفيان الثوري في "تفسيره" 59، والإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" 2/ 395، والطبري 2/ 200، وابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 331، والبيهقي 9/ 45.

الصفحة 633