كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} لا تقل: ليس عندي شيء (¬1).
وقال أبو إسحاق معناه: أنكم إن لم تنفقوا في سبيل الله هلكتم، أي: عصيتم الله فهلكتم، وجائز أن يكون هلكتم بتقوّي عدوكم عليكم (¬2).
فعلى هذا معنى التهلكة: الهلاك بالعصيان بترك النفقة، والهلاك بقوة العدو عند ترك النفقة في الجهاد.
وقال أبو أيوب الأنصاري (¬3): إنها نزلت فينا معشر الأنصار، لما أعز الله دينَهُ ونَصَر رَسُوله، قلنا: لو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الآية (¬4).
¬__________
(¬1) رواه عنه الطبري 2/ 201، وذكره ابن أبي حاتم 1/ 331.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 266.
(¬3) هو: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، أبو أيوب الأنصاري، من بني النجار، صحابي شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد، رحل إلى الشام وغزا مع جيش معاوية القسطنطينية، وتوفي هناك سنة 52 هـ. ينظر: "الإصابة" 1/ 405، "الأعلام" 2/ 295.
(¬4) الحديث رواه الترمذي في التفسير، باب: ومن سورة البقرة 5/ 212 وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي في "تفسيره" 1/ 236، وأبو داود في الجهاد، باب: في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 3/ 12 برقم 2512، وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود برقم 2193، ولهذا الحديث قصة، عن أسلم بن عمران قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه، لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب: إنما نزلت في الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. هذا لفظ أبي داود. قال الحافظ في "الفتح" 8/ 34: وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الحسنة فهو حسن، ومتى كان مجرد تهور =

الصفحة 634