فعلى هذا، التهلكة: الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد.
والمعنى: لا تتركوا الجهاد فتهلكوا، فسمى ترك الجهاد تَهُلكة؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك في الدنيا بقوة العدو وفي الآخرة بالعصيان (¬1).
وفي الآية قول ثالث، وهو ما روي عن البراء بن عازب (¬2): أنه قيل له في هذه الآية: أهو (¬3) الرجل يحمل على الكتيبة وهم ألف بالسيف؟ قال: لا، ولكنه الرجل يصيب الذنب فيلقي بيديه (¬4) ويقول: لا توبة لي؟ (¬5).
¬__________
= فممنوع، ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين.
(¬1) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 205، "الثعلبي" 2/ 426، "البحر المحيط" 2/ 70.
(¬2) هو: البراء بن عازب بن حارث الأنصاري الأوسي، صحابي غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عشرة غزوة، وهو الذي افتتح الرَّيَّ، وشهد الجمل وصفين مع علي - رضي الله عنه -، ومات في إمارة مصعب بن الزبير. ينظر: "أسد الغابة" 1/ 205، "الإصابة" 1/ 278.
(¬3) في (ش): (أهوالٌ).
(¬4) في (م): (بيده).
(¬5) رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 202، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 332، والحاكم 2/ 302، وقال: صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 407، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 536، وصحح إسناده الحافظ في "الفتح" 8/ 185، وروى الطبري في "تفسيره" 2/ 202، وأحمد في "مسنده" 4/ 281 عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: لا؛ لأن الله عز وجل بعث رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك، إنما ذلك في النفقة، وذكر الحافظ في "الفتح" 8/ 185 أنه إن كان محفوظا، فلعل للبراء فيه جوابين، والأول من رواية الثوري وأبي إسرائيل وأبي الأحوص ونحوهم، وكلٌّ منهم أتقن من أبي بكر بن عياش، فكيف مع اجتماعهم وانفراده.