كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

فعلى هذا، التهلكة: الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد.
والمعنى: لا تتركوا الجهاد فتهلكوا، فسمى ترك الجهاد تَهُلكة؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك في الدنيا بقوة العدو وفي الآخرة بالعصيان (¬1).
وفي الآية قول ثالث، وهو ما روي عن البراء بن عازب (¬2): أنه قيل له في هذه الآية: أهو (¬3) الرجل يحمل على الكتيبة وهم ألف بالسيف؟ قال: لا، ولكنه الرجل يصيب الذنب فيلقي بيديه (¬4) ويقول: لا توبة لي؟ (¬5).
¬__________
= فممنوع، ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين.
(¬1) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 205، "الثعلبي" 2/ 426، "البحر المحيط" 2/ 70.
(¬2) هو: البراء بن عازب بن حارث الأنصاري الأوسي، صحابي غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عشرة غزوة، وهو الذي افتتح الرَّيَّ، وشهد الجمل وصفين مع علي - رضي الله عنه -، ومات في إمارة مصعب بن الزبير. ينظر: "أسد الغابة" 1/ 205، "الإصابة" 1/ 278.
(¬3) في (ش): (أهوالٌ).
(¬4) في (م): (بيده).
(¬5) رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 202، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 332، والحاكم 2/ 302، وقال: صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 407، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 536، وصحح إسناده الحافظ في "الفتح" 8/ 185، وروى الطبري في "تفسيره" 2/ 202، وأحمد في "مسنده" 4/ 281 عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: لا؛ لأن الله عز وجل بعث رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك، إنما ذلك في النفقة، وذكر الحافظ في "الفتح" 8/ 185 أنه إن كان محفوظا، فلعل للبراء فيه جوابين، والأول من رواية الثوري وأبي إسرائيل وأبي الأحوص ونحوهم، وكلٌّ منهم أتقن من أبي بكر بن عياش، فكيف مع اجتماعهم وانفراده.

الصفحة 635