كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

وهذا القول اختيار يمان (¬1) بن رِئَاب (¬2) (¬3) والمفضل (¬4)، قالا: يقال للرجل إذا استسلم للهلاك ويئس من النجاة: ألقى بيديه (¬5).
وقال الفضيل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} بإساءة الظن بالله (¬6)، فعلى هذا القول التهلكة: هو ترك التوبة، والقنوط من رحمة الله، أو إساءة الظن بالله عز وجل في الإخلاف عند الإنفاق (¬7).
قال أبو علي الفارسي: الباء في قوله: (بأيديكم) زيادة، المعنى: (ولا تلقوا أيديكم) يدل على ذلك قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} [النحل: 15] {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [الحجر: 19] و {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [آل عمران: 151]، وزيادتها ههنا كزيادتها في قوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] (¬8).
¬__________
(¬1) ذكره عنه الثعلبي 2/ 437.
(¬2) في (ش): (ريمان بن زيّات). وفي (م): (رباب).
(¬3) هو: اليمان بن رباب أو ابن رئاب البصري من رؤساء الخوارج، تقدمت ترجمته.
(¬4) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 437. وهذا القول مروي أيضًا عن محمد بن سيرين وعبيدة السلماني وأبي قلابة البصري. ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 203، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 332، "تفسير عبد الرزاق" 1/ 332، "تفسير الثعلبي" 2/ 436 - 437.
(¬5) في (م): (بيده).
(¬6) رواه سفيان الثوري في "تفسيره" 59، ورواه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" ص 117، وذكره الثعلبي 2/ 443، وروى الطبري 2/ 205 عن عكرمة نحوه.
(¬7) وروى الطبري 2/ 205، وابن أبي حاتم 1/ 232 عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: التهلكة: عذاب الله، وهذا قول رابع في معنى الآية.
(¬8) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 205، "تفسير البغوي" 1/ 215، وقال: وقيل: الباء في موضعها، وفيه حذف، أي: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة، واختار أبو=

الصفحة 636