استخبار، يجري في كثير من المواضع مجرى الإنكار والنهي، إذا لم يكن معها نفيٌ، كأنه آيَسَهم من الطمع في إيمان هذه الفرقة، فإذا كان في أوّل الكلام نفيٌ، فإنكار النفي تثبيت (¬1)، نحو قوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [تبارك: 8] وسيأتي بعد هذا لِمَ جعل الاستفهام للإنكار (¬2).
وقوله تعالى: {أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} يعني به: جماعة اليهود (¬3)؛ لأنّه قال: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البقرة: 145]. يعني به: جماعتَهم؛ لأن الخاصةَ تتبعُ العامة.
{وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ} أي: جماعة. وأصله من الفَرْق، ومعناه: طائفة فرقت من الجملة كالفئةِ، قالوا: أصلها من فأوتُ (¬4) رأسَه: أي: شَقَقْتُه (¬5).
واختلفوا في هذا الفريق، فقال مجاهد (¬6) وقتادة (¬7) والسُدّي (¬8):
¬__________
(¬1) فصَّل هذه المسألة ابن هشام الأنصاري في كتابه "مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب" 1/ 17.
(¬2) في (م): (الإنكاري) وفي (أ): (الإنكار).
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 1/ 366، "تفسير الثعلبي" 1/ 994.
(¬4) هذا مما يذكر في الواوي واليائي، أي فأوت وفأيت، وقوله: الفئة على وزن فعة، قال الأزهري في "تهذيب اللغة": وكانت في الأصل فئوة بوزن فعلة فنقص. انظر "لسان العرب" 6/ 333.
(¬5) ينظر: "تفسير الطبري" 1/ 366.
(¬6) رواه مجاهد في "تفسيره" ص 80 ومن طريقه (الطبري) 2/ 245، ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 149، وذكره "الثعلبي" في "تفسيره" 1/ 994 وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 103 - 104، "ابن كثير" في "تفسيره" ص 122 - 123.
(¬7) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 149 وذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 994، ابن كثير في "تفسيره" ص 122 - 123.
(¬8) رواه الطبري في "تفسيره" 1/ 367، ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 149 وذكره =