كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 3)

رأس جبل فهو من خشية الله [نزل به القرآن (¬1).
وقال بعض المتأولين: من قال: المراد بالحجارة في قوله: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}] (¬2) أنه يركَّب فيها التمييز والعقل، فقد أخطأ (¬3)، إذ كان لا يُستنكر ذلك ممن جُعِل فيه التمييز، ولكن هذا على جهة (¬4) المثل، كأنه يهبط من خشية الله لما فيه من الانقياد لأمر الله الذي لو كان من حيّ قادر لدلَّ على أنه خاشٍ لله كقوله: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]، أي: كأنه مريد. وكقول جرير:
لمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُورُ المدينةِ والجِبَالُ الخُشَّعُ (¬5)
أي: كأنها خاشعة للتذلل الذي ظهر (¬6) فيها كما يظهر تذلل الخاشع،
¬__________
(¬1) ذكره الطبري في "تفسيره" 1/ 364، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 433، "تفسير الماوردي" 1/ 374، انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 356 - 357، "تفسير ابن كثير" 1/ 121 - 122.
(¬2) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(¬3) نسب الرازي هذا القول للمعتزلة 3/ 131.
(¬4) في (ب): (على وجه).
(¬5) من قصيدة قالها جرير في هجاء الفرزدق، يقول: لما وافى خبر قتل الزبير إلى المدينة تواضعت هي وجبالها وخشعت حزنا له، لأن قاتل الزبير من رهط الفرزدق. ورد البيت في مواضع كثيرة منها،"الكتاب" 1/ 52، "مجاز القرآن" 1/ 197، "الكامل" 2/ 141، "المقتضب" 2/ 197،"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص 595، "جمهرة أمثال العرب" 2/ 3339، "الأضداد" لابن الأنباري ص 296، "معاني القرآن" للفراء 2/ 37، والطبري في "تفسيره" 1/ 261، 365، "الخزانة" 4/ 218، "الخصائص" 2/ 418، "المخصص" 17/ 77، "تفسير القرطبي" 1/ 395، "البحر المحيط" 1/ 266، "رصف المباني" ص 244، "ديوان جرير" ص 270.
(¬6) في (ب): (للتذل ظهر الذي فيها).

الصفحة 87