وقوله تعالى: {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} أي: لا يعلمون، (¬1) أراد: ما هُمْ إلا ظانّينَ ظنًّا وتوهمًا لا حقِيقَةً ويقينًا (¬2) (¬3). وجعل الفعل المستقبل في مَوضع الحَالِ؛ لأنه يصلح للزمانين.
قال ابن عبّاس في قوله: (وإن هُم إلّا يظنون): أي: لا يعلمون الكِتَابَ، ولا يدرون ما فيه، وهم يجحدون نبوتك بالظَنّ (¬4).
قالَ أصحاب المعاني: ذمّ الله بهذه الآية قومًا من اليهود، لا يحسنون شيئًا وليسُوا على بصيرة إلّا ما يحدّثونَ به، أو إلّا ما يقرءون عن غَيْرِ عِلم به (¬5). ففيه حثٌّ علَى تعلّم العلم؛ حتّى لا يحتاج الإنسان إلى تقليد غيره، وأن يقرأ شيئًا لا يكون له به معرفة.
قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} الآية. قال ابن عباس: الوَيْل شِدّة العَذَاب (¬6).
¬__________
= ويؤيد ذلك ما ورد بأسانيد صحيحة عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وأبي العالية. ينظر: "التفسير الصحيح" 1/ 180.
(¬1) زيادة من (ش).
(¬2) ينظر: "تفسير الطبري" 1/ 377، "تفسير الثعلبي" 1/ 1001، "تفسير البغوي" 1/ 115.
(¬3) نقل القرطبىِ في "تفسيره" 2/ 6 عن أبي بكر الأنباري عن أحمد بن يحيى النحوي: أن العرب تجعل الظن علمًا وشكًّا وكذبًا، وقال: إذا قامت براهين العلم فكانت أكثر من براهين الشك فالظن يقين، وإذا اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك، وإذا زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب.
(¬4) رواه الطبري في تفسيره 1/ 277.
(¬5) ينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية 1/ 365، "تفسير القرطبي" 2/ 6.
(¬6) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1003، والبغوي في "تفسيره" 1/ 115، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 378 بلفظ: فالعذاب عليهم.