بهذا الوصف نحو: هابيل وإدريس، فإن الغالب كان الكفر، والحكم للأغلب والأعم، ولا يعتد بالقليل في الكثير، كما لا يعتد بالنبيذ القليل من الشعير في البر الكثير.
وقال الكلبي (¬1) والواقدي (¬2): هم أهل سفينة نوح، كانوا مؤمنين كلهم، ثم اختلفوا بعد وفاة نوح فبعث الله النبيين.
وقال ابن زيد (¬3): لم يكونوا أمة واحدة إلا يومًا من الدهر، يذهب إلى الوقت الذي أخرجهم الله فيه من صلب آدم في صورة الذَّرِّ، حين قال لهم تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172].
وهذا القول مروي عن أبي بن كعب (¬4)، وعلى هذين القولين يحتاج في الآية إلى إضمار، كأنه قال: كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله، وهكذا في قراءة أبيٍّ (¬5) وابن مسعود (¬6).
وحكى الزجاج عن بعض أهل اللغة قال: كان كلُّ من بعث إليه الأنبياء كفارًا (¬7)، يريد: أن أمم الأنبياء الذين بعثوا إليهم كانوا كفارًا، كما
¬__________
(¬1) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 715، "البغوي" في "تفسيره" 1/ 243، والقرطبي في "تفسيره" 3/ 22.
(¬2) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 716، والقرطبي في "تفسيره" 3/ 22، وقد استظهر محقق "تفسير الثعلبي" أن المراد بالواقدي هنا: علي بن الحسين بن واقد القرشي ت 211، وله تفسير رواه الثعلبي وصرح به في مقدمة "تفسيره".
(¬3) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 336.
(¬4) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 335، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 376، وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 717، "الدر المنثور" 1/ 435.
(¬5) ينظر: "تفسيرالثعلبي" 2/ 717.
(¬6) ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 717، "الكشاف" 1/ 255، "المحرر الوجيز" 2/ 209.
(¬7) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 284.