كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

وقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا} أي: حركوا بأنواع البلايا والرزايا (¬1) (¬2).
قال أبو إسحاق: وأصل الزلزلة في اللغة من: زَلّ الشيء عن (¬3) مكانه، فإذا قلت: زلزلته، فتأويله: أنك كررت زللَه (¬4) من مكانه، فضوعف لفظه لمضاعفة معناه، وكل ما كان فيه ترجيع كررت فيه فاء الفعل، نحو: صَرَّ (¬5) وصَرْصَرَ وَصَلّ وصلصل (¬6). وتفسير {وَزُلزِلُوا} هنا: خوفوا وحقيقته ما ذكرنا، وذلك أن الخائف لا يستقر بل يضطرب لقلقه، ولهذا يقال للخوف: المقيم المُقْعِد؛ لأنه يُذْهب السكون، فيجوز أن يكون {وَزُلزِلُوا} هاهنا مجازًا، والمراد به: خوفوا، ويجوز أن يكون حقيقة بأن يكونوا مضطربين لا يستقرون لما في قلوبهم من الجزع والخوف (¬7).
وقوله تعالى {حَتَى يَقُولَ اَلرَّسُولُ} قرئ (يقولَ) نصبًا ورفعًا (¬8)، والنصب على وجهين إذا نصبت الفعل بـ (حتى) فقلت: سرت حتى أدخلها.
¬__________
(¬1) في (ي): (الرزايا والبلايا).
(¬2) ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 730.
(¬3) في (م): (من).
(¬4) كذا في الأصول، وفي "معاني القرآن" زلزلته.
(¬5) (صر) ليست في (ي)، وفي (ش): (ضر وضرضر) وفي (م): (صر وصَرّ).
(¬6) من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 285. بمعناه.
(¬7) ينظر في زلزل "تهذيب اللغة" 2/ 1551، "المفردات" ص 219، "عمدة الحفاظ" 2/ 165،"اللسان" 3/ 1857 (زلل). ونقل الأزهري عن ابن الأنباري في قولهم: أصابت القوم زلزلة، قال: الزلزلة: التخويف والتحذير، من ذلك قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 11] {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} أي: خوفوا وحذِّروا قال بعضهم: الزلزلة مأخوذة من الزلل في الرأي، فإذا قيل: زلزل القوم، فمعناه: صرفوا عن الاستقامة، وأوقع في قلوبهم الخوف والحذر.
(¬8) قرأ نافع برفع اللام، وقرأ الباقون بالنصب. ينظر: "السبعة" ص 181 - 182، "الحجة" 2/ 305 - 306.

الصفحة 119