كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)
في كل مانع (¬1).
وأما مذهب أهل الحجاز (¬2)، وهو مذهب الشافعي (¬3)، رحمه الله، أن الحكم المتعلق بالإحصار إنما يتعلق بحبس العدو عن الوصول إلى البيت، فأما سائر الأعذار فغير داخل في الآية، والدليل على (¬4) هذا سببُ النزول، وهو إحصار العدوِّ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالحُدَيْبِيَةِ (¬5)، يَدُلُّ على أن المراد به حبس العدو فقط، قوله في سياق الآية: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} ولم يقل: فإذا أندملتم (¬6)، والأمن المطلق يقتضى الخوف المطلق من العدو، لأنه قال:
¬__________
(¬1) وبه قال النخعي والحسن ومجاهد وعطاء وقتادة وعروة بن الزبير ومقاتل. ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 215، "أحكام القرآن" للجصاص 1/ 268، "شرح معاني الآثار" 2/ 252، "أحكام القرآن" للكيا الهراسي، "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 119، "تفسير القرطبي" 2/ 350 - 351.
(¬2) ينظر: "الموطأ" 1/ 360، "معاني القرآن" للنحاس 1/ 115، "تفسير الثعلبي" 2/ 495، "أحكام القرآن" للكيا الهراسي 1/ 90 - 91، "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 119، وقال: قاله ابن عمر وابن عباس وأنس والشافعي، وهو اختيار علمائنا، ورأي أكثر أهل اللغة ومُحصِّليها على أن أُحصِر: عرض للمرض، وحُصر: نزل به الحصر، واستدرك عليه القرطبي في "تفسيره" 2/ 350 فقال: ما حكاه ابن العربي من أنه اختيار علمائنا، فلم يقل به إلا أشهب وحده، وخالفه سائر أصحاب مالك في هذا، وقالوا: الإحصار إنما هو المرض، وأما العدو فإنما يقال فيه: حصِر حصْرا فهو محصور، قاله الباجي في المنتقى، وحكى أبو إسحاق الزجاج أنه كذلك عند جميع أهل اللغة.
(¬3) "الأم" 2/ 178، و"اختلاف العلماء" للمروزي ص 85، و"السنن" للبيهقي 5/ 219.
(¬4) في (ش) عليه.
(¬5) ينظر: "تفسير الثعلبي": 2/ 495. قال ابن العربي في "أحكام القرآن" 1/ 119: وقد اتفق علماء الإسلام على أن الآية نزلت سنة ست، في عمرة الحديبية، حين صد المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مكة.
(¬6) ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 495، "تفسير القرطبى" 2/ 350.
الصفحة 12
547