كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

فلا يكون (ذا) مع (ما) إلا بمنزلة شيء واحد، كأنه قال: دعي الذي علمت، لأن (دَعِي) لا يتعلق بالجملة كما يتعلق السؤال، لو قلت: سَألُته أزيدٌ في الدار أم عمرو؟ صَحَّ، ولو قلت: دعي أزيد في الدار أم عمرو، لم يصح على ذلك الحد من غير حذف، والعرب تقول: عماذا تسأل؟ بإثبات الألف في (ما)، فلولا أن (ما) مع (ذا) بمنزلة اسم واحد لقالوا: عمذا (¬1) تسأل، بحذف الألف، كما حذفوها من قوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] و {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] فلما لم يحذفوا الألف من آخر (ما) (¬2) علمت أنه مع (ذا) بمنزلة اسم واحد، فلم تحذف الألفُ منه، لما لم يكن آخر الاسم، والحذف يلحقها إذا كانت آخرًا، إلا أن تكون في شعرٍ، كقول الشاعر:
عَلَى ما قام يشتمني لئيمٌ ... كخنزيرٍ تَمَرَّغَ في دَمَاني (¬3)
ومما يحمل على أن (ما) و (ذا) فيه شيء واحد قول الشاعر:
يا خُزْرَ تَغْلِبَ ماذا بالُ (¬4) نِسوتِكم ... لا يَسْتَفِقْنَ إلى الدَّيرين تَحْنَانا (¬5)
فقوله: ماذا بالُ نسوتكم، بمنزلة: ما بال نسوتكم، فاستعمل (ماذا)
¬__________
(¬1) في (ي) (عماذا).
(¬2) ساقطة من (ي).
(¬3) البيت لحسان بن ثابت، قاله في هجو بني عابد. ينظر: "الحجة" 2/ 317 "شرح أبيات المغني" 5/ 220 "الخزانة" 2/ 537، "أمالي ابن الشجري" 2/ 233، "الشافية" 4/ 224، وابن يعيش 4/ 9، والعيني 4/ 554. والدمان كالرماد وزنًا ومعنى.
(¬4) (قال) في (ي).
(¬5) البيت لجرير يهجو الأخطل ينظر: "ديوانه" ص 167. و"الحجة" 2/ 317.

الصفحة 127