كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} فعُلم أن الإحصار في الآية ليس بالمرض، وأيضًا ذكرنا عن ابن عباس أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو (¬1).
وقولهم: الإحصار عام، قلنا: هو عام من حيث اللفظ، خاص ههنا في حبس العدو، بما (¬2) ذكرنا من الدليل (¬3).
فإذا (¬4) بان أن الإحصار هو قهر العدو بالحبس عن البيت، فالرجل إذا أحرم بحجٍّ أو عُمْرةٍ انحتم عليه الإتمام، حتى لو أفسد الإحرام بالجماع وجب عليه المضي في فَاسِدِ الإحرام، وإنما يباح التحلل (¬5) من الإحرام بإحصار العدو، كما أُحْصِر رسول الله (¬6).
ثم إن كان الحج فَرْضاً أو العمرة فأحصره العدو فقال الشافعي: إذا أُحْصِرَ بعدوٍّ كافرٍ أو مسلم، أو سُلْطَان يحبسه في سجن، نحر هديًا بالإحصار حيث أُحْصِر في حِلٍّ أو حَرَم، وحَلَّ من إحرامه، وعليه القَضَاءُ إذا انْجَلَى الحَصْر، فإن انجلى الحَصْرُ عاجلاً أمكنه القضاء في ذلك العام، وإن كان النُّسُكُ في الأصل نفلاً فأُحْصِر فَتَحَلَّلَ فلا قضاء عليه من طريق الوجوب، ولكن يُسْتَحَبُّ له ذَلكَ، وإذا لم يجد هديًا يشتريه، أو كان فقيرًا، ففيه قَوْلان:
أحدهما: لا يحل إلا بهدي.
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) في (م) وبما.
(¬3) ينظر في ذكر الأدلة: "أحكام القرآن" للكيا الهراسي 1/ 134 - 135.
(¬4) في (ش) فإن.
(¬5) في (ش) التحليل.
(¬6) ينظر: "تفسير القرطبي" 2/ 348 - 355، "البحر المحيط" 2/ 73.

الصفحة 13