قال الزجاج: وتأويله: وهو ذو كُره لكم، وهذا الكره من حيث المشقة الداخلة على النفس وعلى المال من المؤنة، وعلى الروح، (لا) (¬1) إن المؤمنين يكرهون فرض الله عز وجل (¬2)، وقال عكرمة: إنهم كرهوه ثم أحبوه، فقالوا: سمعنا وأطعنا (¬3).
وقيل: {وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} قبل أن يكتب عليكم.
¬__________
= الله عز وجل من الكُره فالفتح فيه جائز، إلا أن هذا الحرف الذي في هذه الآية ذكر أبو عبيدة أن الناس مجمعون على ضمه، قال الأزهري: الذي قاله أبو العباس والزجاج فحسن جميل. وقال الراغب: قيل: الكَره والكُره واحد، نحو الضَّعف والضُّعف، وقيل: الكَره: المشقة التي تنال الإنسان من خارج فيما يحمل عليه بإكراه، والكُره: ما يناله من ذاته وهو يعافه، وهو على ضربين: أحدهما: ما يعاف من حيث العقل والشرع، ولهذا يصح أن يقول الإنسان في الشيء الواحد إني أريده وأكرهه، بمعنى: إني أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث العقل أو الشرع، أو العكس، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} أي تكرهونه من حيث الطبع، ثم بين ذلك بقوله: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}، وكرهت يقال فيهما جميعا، إلا أن استعماله في الكره أكثر. اهـ- بتصرف.
(¬1) ساقط جميعًا من (ي).
(¬2) الزجاج 1/ 289، وعبارته: معنى كراهتهم القتال أنهم كرهوه على جنس غِلَظِه عليهم ومشقته، لا أن المؤمنين يكرهون فرض الله عز وجل، لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والصلاح.
(¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 344، عن عكرمة عن ابن عباس، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 382 عن عكرمة، ولفظ الأثر: نسختها هذه الآية {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} يعني: أنهم كرهوه ثم أحبوه، فقالوا: سمعنا وأطعنا، قال الطبري 2/ 344: وهذا قول لا معنى له؛ لأن نسخ الأحكام من قبل الله عز وجل لا من قبل العباد، وقوله: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} خبر من الله عن عباده المؤمنين وأنهم قالوه لا نسخ منه.