كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

فقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} يعني: أهل الشرك يسألون عن ذلك على جهة العَيْب للمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام.
وقوله تعالى {قِتَالٍ فِيهِ} هو خَفْضٌ على البدل من الشهر، وهذا من باب بدل الشيءِ من الشيءِ، والمعنى مشتمل عليه، ويسمى: بدلَ الاشتمال، وهو إبدال المصادر من الأسماء، كقولك: أعجبني زيدٌ عِلْمُه، وعجبت من عمروٍ أمرِه، ونفعنى زيدٌ كلامُه، ومثله قوله: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ} [البروج:4 - 5]، وقول الأعشى:
لَقَدْ كان في حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُه ... تُقَضِّى لُبَانَاتٍ وَيسْأَم سَائِم (¬1)
ومن هذا الباب: سُرِق زيدٌ مالُه، وسُلب زيدٌ ثوبُه (¬2).
ومعنى الاشتمال في الآية: أن سؤالهم اشتمل على الشهر وعلى القتال، وسؤالهم (¬3) عن الشهر إنما كان لأجل القتال.
وقيل: الخفضُ في {قِتَالٍ} على معنى تكرير (عن)، تقديرُه: وعن قتال فيه، وكذلك هو في قراءة ابن مسعود والربيع (¬4)، وقيل: إنه على
¬__________
(¬1) البيت للأعشى في "ديوانه" ص 177. "الكامل" للمبرد 2/ 265، وابن يعيش في "تفسيره" 1/ 386، "شواهد المغني" 297.
قوله: ثواءٍ: الثواء: الإقامة، بالجر، قال ثعلب: وأبو عبيدة يخفضه، والنصب أجود، ومن روى تقضى لبنات فإنه ينبغي أن يرفع ثواء. ينظر: "شرح الديوان"، "مجاز القرآن"، "المعجم المفصل" 7/ 117.
(¬2) ينظر في بدل الاشتمال: "الكتاب" لسيبويه 1/ 150 - 158، "المقتضب" 1/ 27، 4/ 296.
(¬3) في (م): (ومعنى سؤالهم).
(¬4) وبها قرأ ابن عباس والأعمى أيضا، ينظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 141، "المصاحف" لابن أبي داود 58، "تفسير الثعلبي" 2/ 767، "البحر المحيط" 2/ 145.

الصفحة 138