كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

والآخر: إذا لم يَقْدِر عليه حَلَّ، وأتى به إذا قَدَرَ عَليه (¬1).
وأما المحصر بالمرض، فإنه يصير على إحرامه ولا يتحلل، وله أن يتداوى بما لابد منه ويفتدي، ويأتي في هذه الآية ذكره (¬2).
وفي الآية إضمار، تقديره: فإن أحصرتم دون تمام الحج والعمرة، وجاز الحذف لأن ما تقدم يدل عليه (¬3).
قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} محل "ما" رفع. المعنى: فواجبٌ عليكم ما استيسر (¬4).
قال الفراء: ولو نصبتَ على معنى: اهْدُوا ما استيسر، كان صوابًا، وأكثر ما جاء في القرآن من أشباهه مرفوع (¬5).
¬__________
(¬1) "مختصر المزني" الملحق بكتاب "الأم" للشافعي 8/ 169، "تفسير الثعلبي" 2/ 496، والنقل عنه. وينظر: "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 122، "تفسير القرطبي" 3/ 353 - 355، ويرى أبو حنيفة أن عليه القضاء، وهو اختيار الطبري في "تفسيره" 2/ 226، واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى عمرة الحديبية في العام الآخر، وأجيبوا بأنه إنما قضاها لأن الصلح وقع على ذلك إرغاما للمشركين، وإتماما للرؤيا، وتحقيقا للموعد، وهي في ابتداء عمرة أخرى، وسميت عمرة القضية من المقاضاة لا من القضاء.
(¬2) من "تفسير الثعلبي" 2/ 497، وينظر: "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 121، "تفسير القرطبي" 2/ 351، وقد رد الإمام الطبري هذا القول في "تفسيره" 2/ 227، وناقش القائلين به، وبين عدم الفرق بين الإحصار بالعدو وبالمرض لعدم الفارق بين المعنيين بكلام نفيس.
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 215.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 267، "تفسير الطبري" 2/ 219، "تفسير الثعلبي" 2/ 498، "تفسير القرطبي" 2/ 355، "التبيان" 122، وقال مكي في "مشكل إعراب القرآن" 1/ 123: (ما) في موضع رفع بالابتداء، أي: فعليه ما استيسر.
(¬5) "معاني القرآن" للفراء بمعناه 1/ 118، وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 498، "مشكل =

الصفحة 14