كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

هدي المحصر الحرمُ، ولا محل له غيره، فإن كان حاجًا فمحله يوم النحر، وإن كان معتمرًا فمحله (¬1) يوم يبلغ هديه الحرم (¬2).
وحقيقة الخلاف تعود إلى أن عند أهل الحجاز المحل في هذه الآية اسمًا للأوان الذي يحل فيه ذبح الهدي عن المحصر، وعند غيرهم المحل اسم للمكان (¬3).
وقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} نزلت في كعب ابن عُجْرة (¬4) قال: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية ولي وفرة من شعر فيها القَمْل والصِّيبَان، وهي تَتَناثر على وجْهي وأنا أطبخ قِدرًا لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيؤذيك هوام رأسك؟ " قلت: نعم يا رسول الله قال: "احلق رأسك"، فأنزل الله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} (¬5) أي:
¬__________
= 1/ 122، "تفسير الطبري" 2/ 221، 222، وبين رحمه الله 2/ 226، 227 أن أولى الأقوال بالصواب قول من قال: إن المراد بالآية كل محصر بعمرة أو حج، وجعل محل هديه الموضع الذي أحصر فيه، وجعل له الإحلال من إحرامه ببلوغ هديه محله، وأراد بالمحل: المنحر أو المذبح، وذلك حين حل ذبحه ونحره في حرم كان أو حل.
(¬1) في (م) (فحله في الموضعين).
(¬2) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 223، "أحكام القرآن" للجصاص 1/ 272، "شرح معاني الآثار" 2/ 251، "بدائع الصنائع" 2/ 179.
(¬3) "التفسير الكبير" 5/ 162.
(¬4) كعب بن عجرة بن أمية البلوي، الأنصاري المدني، أبو محمد، صحابي مشهور، تأخر إسلامه، ثم شهد المشاهد كلها، مات بعد الخمسين، وله نيف وسبعون سنة، روى حديثه الجماعة. ينظر، "أسد الغابة" 4/ 243، "تقريب التهذيب" ص 461 (5643).
(¬5) أخرجه البخاري (1817) كتاب المحصر، باب: النسك شاة، ومسلم (1201) =

الصفحة 18