تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ حتّى إذا ادَّكَرَتْ ... فإنَّما هي (¬1) إقْبَالٌ وإدْبَارُ (¬2)
وكما قال مُتَمِّم (¬3):
لَعَمْري وما دَهْرِي بَتَأبِيْنِ هَالكٍ ... ولا جَزعٍ مما أَصَاب فَأَوجَعَا (¬4)
ألا ترى أنه قد جعل دَهره الجزع في قوله: ولا جزعٍ، أي: وما دهري بجزع. والأشهرُ بمنزلة الدهر (¬5).
والمراد بالأشهر، هاهنا، عند جميع المفسرين: شَوَّالٌ وذو القَعْدة وتسع من ذي الحِجَّة، ويقال: عشر من ذي الحجة، فمن قال: وتِسْع، أراد الأيام؛ لأن يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة آخر هذه الأشهر (¬6)، ومن قال: عَشْرٌ، عَبَّر به عن الليالي؛ لأن من أدركَ عرفةَ في الليل العاشر
¬__________
(¬1) في (ش) (اذكرت فانماهن).
(¬2) البيت تقدم تخريجه مع تفسير [البقرة:49].
(¬3) هو: متمم بن نويرة بن جمرة بن ثعلبة بن يربوع، أبو نهشل، صحابي شاعر فحل، اشتهر في الجاهلية والإسلام، أشهر شعره رثاء أخيه مالك، توفي سنة 35 هـ انظر: "أسد الغابة" 5/ 52، 58، "الشعر والشعراء" ص 209.
(¬4) البيت في "ديوانه" ص 106، "لسان العرب" 1/ 13 (أبن)، 3/ 1440 (دهر).
(¬5) ينظر: في إعراب الآية: "مشكل إعراب القرآن" لمكي 1/ 123، "التبيان" ص 123، "البحر المحيط" 2/ 84، "الدر المصون" 2/ 322، وقال أبو حيان والحج أشهر: مبتدأ وخبر، ولابد من حذف؛ إذ الأشهر ليست الحج، وذلك الحذف إما في المبتدأ، فالتقدير: أشهر الحج، أو وقت الحج، أو في الخبر، أي: الحج حج أشهر، أو يكون الأصل: في أشهر، فاتسع فيه، وأخبر بالظرف عن الحج. ثم رد على ابن عطية قوله بالإلزام بالنصب في الحالة الثالثة.
(¬6) ذكره الشافعي في "أحكام القرآن" ص127، "مختصر المزني" 8/ 159، "المجموع" 7/ 143.