كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

قوله: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1]، بالتخفيف (¬1)، وقوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] وهذا أيضًا راجع إلى معنى القطع؛ لأن من قطع شيئًا أبانه عن غيره، والله تعالى إذا فرض شيئًا أبانه، وبان ذلك الشيء عن غيره. (فرض) بمعنى: أوجب، وفرض بمعنى: أبان، كلاهما يَرْجِع إلى أصل واحد على ما بينا (¬2).
وقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ذكرنا معنى الرفث عند قوله: {الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]، وأما معناه في هذه الآية، فذهب ابن عباس (¬3)، والأكثرون إلى أن المراد به الجماع (¬4).
قالت طائفة (¬5): المراد بالرفث، هاهنا، التعريض (¬6) للنساء بالجماع،
¬__________
(¬1) قال الأزهري في "تهذيب اللغة" 3/ 2771 "فرض": (وفرضناها) فمن خفف أراد: ألزمناكم العمل بما فرض فيها، ومن ضدد فعلى وجهين: أحدهما التكثير على معنى: إنا فرضنا فيها فروضا، ويكون على معنى بينا وفصلنا ما فيها من الحلال والحرام والحدود.
(¬2) ينظر في الفرض "تهذيب اللغة" 3/ 2771 "فرض", "المفردات" 378، "عمدة الحفاظ" 3/ 258 - 259.
(¬3) رواه الثوري في "تفسيره" ص 63، وسعيد بن منصور في "السنن" 3/ 799، وأبو يعلى في "مسنده" 5/ 98، والطبري في "تفسيره" 2/ 265، وابن أبي حاتم في " تفسيره" 1/ 346 وغيرهم.
(¬4) ذكر الطبري القول بذلك عن ابن مسعود وابن عمر والحسن وعطاء ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار وقتادة وسعيد بن جبير والسدي والربيع والنخعي والضحاك. ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 265 - 267، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 346، "تفسير الثعلبي" 2/ 523.
(¬5) ذكر الطبري القول بذلك عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير ومحمد بن كعب القرظي وطاوس وابنه وعطاء. ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 263 - 264، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 346، وقد رجح الطبري أن الرفث شامل للقولين، وقال أبو حيان في البحر 2/ 87: وملخص هذه الأقوال أنها دائرة بين شيء يفسده، وهو الجماع، أو شيء لا يليق لمن كان متلبسا بالحج لحرمة الحج.
(¬6) في (م) التعرض.

الصفحة 34