وقال مجاهد (¬1) وأبو عبيدة (¬2): معناه: ولا شك في الحج أنه في ذي الحجة، فأبطل النسيء، واستقام الحج كما هو اليوم، وبطل ما كان يفعله النّسَأة في تأخير الشهور (¬3).
قال أهل المعاني: ظاهر الآية نفي ومعناها نهي، أي: ولا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا، كقوله عز وجل: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]، أي: لا ترتابوا (¬4).
واختلف القُرَّاء في هذه الآية، فقرأ (¬5) بعضهم: (فلا رفثٌ ولا فسوقٌ) مرفوعين منونين، وقرأ بعضُهم منونين غير منونين، ولم يختلفوا في نصب اللام من جدال (¬6).
¬__________
(¬1) رواه الطبري في "تفسيره" عنه من عدة طرق 2/ 274 - 275، ورواه عن السدي وابن عباس، ورجحه الطبري في "تفسيره" 2/ 275 - 276، وابن عطية في "المحرر الوجيز" 2/ 169، ويرى الزجاج في "تفسيره" 1/ 270 أن كلا من القولين صواب.
(¬2) "مجاز القرآن" 1/ 70.
(¬3) ذكر الطبري في "تفسيره" 2/ 270، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 349 أقوالا أخر، فمنهم من قال: الجدال: السباب، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس وقتادة، ومنهم من قال: الجدال: اختلافهم فيمن هو أتم حجا من الحُجاج، وهو مروي عن محمد بن كعب القرظي، ومنهم من قال: الجدال: اختلافهم في اليوم الذي يكون فيه الحج، فنهوا عن ذلك، وهو مروي عن القاسم بن محمد، وقيل: بل اختلافهم في أمر مواقف الحج أيهم المصيب موقف إبراهيم، قاله ابن زيد. وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 530، "النكت والعيون" 1/ 259، "زاد المسير" 1/ 211، "تفسير البغوي" 1/ 227، "البحر المحيط" 2/ 88
(¬4) من "تفسير الثعلبي" 2/ 531، وينظر: "تفسير البغوي" 1/ 227، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص 128، "المدخل" للحدادي ص 465.
(¬5) في (ش) وقرأ.
(¬6) قرأ ابن كثير المكي وأبو عمرو ويعقوب برفع الثاء والقاف مع التنوين، ووافقهم أبو جعفر، وانفرد بتنوين جدال مع الرفع، والباقون بـ (الفتح) بلا تنوين في الثلاث. ينظر: "السبعة" ص 108، "النشر" 2/ 211، "البحر المحيط" 2/ 88.