وقول العجاج:
تالله لولا أنْ تَحُشَّ (¬1) الطُّبَّخُ ... بيَ الجَحِيمَ حِسِن لا مُسْتَصْرَخُ (¬2)
فإن كررت (لا) كقولك: لا درهم ولا دينار، جاز لك فيه (¬3) الوجهان: النصبُ من غير تنوين، والرفعُ والتنوين، كالقراءتين في هذه الآية، وجاز أوجهٌ ثلاثة أيضًا يطول ذكرها (¬4).
فإن قدرت الاسم بعدها مرفوعًا بالابتداء، جاز في قول سيبويه أن يكون (في الحج) خبرًا عن الأسماء الثلاثة، لاتفاق الأسماء في ارتفاعها بالابتداء. أما قوله {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} فبين (¬5)، وأما قوله {وَلَا جِدَالَ} فإن (لا) مع {جِدَالَ} في موضع رفع، فقد اتفقت الأسماء في ارتفاعها بالابتداء، فلا يمنع من أن يكون قوله: (في الحج) خبرًا عنها (¬6). وإن قدرت لا بمنزلة ليس، لم يجز أن يكون "في الحج" منتصبًا في موضع خبر ليس، لأن الخبر لا ينتصب بلا كما ينتصب (¬7) بليس، ولكنك تضمر لقوله: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} خبرًا، لأن من شأن العرب إذا رفعت ما بعد لا وكانت لا بمنزلة ليس، حذف الخبر. وإضماره كالبيتين الذين أنشدناهما، فقوله: لا براحُ، تقديره: لا براحٌ من هاهنا، ويكون قوله: (في
¬__________
(¬1) في (ش) تخش وفي (م) كأنها (يخش).
(¬2) البيت في "الديوان" ص 14، "أمالي الشجري" 1/ 282، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 270.
(¬3) في (ش): ولا دينار لك جاز فيه الوجهان.
(¬4) ينظر: "الكتاب" لسيبويه 2/ 274، 2/ 303، وينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 270 - 271، "معاني القرآن" للفراء 1/ 120 - 121.
(¬5) في (م) فهن.
(¬6) من "الحجة" لأبي علي 2/ 289 - 290، وينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 271.
(¬7) سقطت من (أ)، (م).