كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

وقوله تعالى: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} نحن مُقِرُّون بالبَعْث.

286 - قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} الآية. يقال: كَلَّفْتُه الشيءَ فَتَكَلَّفَ، والكُلْفَة الاسم منه (¬1).
والوُسْعُ، قال الفَرّاء: هو اسم، كالوُجد والجُهد (¬2)، وهو اسم لما يسع الإنسان ولا يضيق عليه (¬3). وابن عباس (¬4) وأكثر المفسرين على أن هذه الآية نَسَخَت ما ضجَّ المؤمنون عنه من حديث النفس والوسوسة لما نزل قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآية (¬5).
وروي عنه من طريق آخر، أنه قال: معناه: أنه كلف المؤمنين ما هم له مستطيعون، لأنه قال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ} [البقرة: 185] وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] (¬6).
¬__________
(¬1) ينظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3175 (مادة: كلف)، "المفردات" ص 441.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 1/ 188 قال: ومن قال في مثل الوُجد: الوَجد، وفي مثل الجُهد: الجَهد، قال في مثله من الكلام {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ولو قيل: وَسْعَها لكان جائزًا، ولم نسمعه. اهـ ووَسعها بالفتح قراءة ابن أبي عبلة.
(¬3) "تفسير الثعلبي" 2/ 1866.
(¬4) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 3/ 154 بمعناه، وابن أبي حاتم 2/ 574.
(¬5) رواه الطبري في "تفسيره" عن ابن عباس 3/ 154، وعزاه في "الدر" 1/ 665 إلى ابن المنذر، وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 1867، "تفسير البغوي" 1/ 357. وقد ذكر المؤلف أن التحقيق عدم القول بالنسخ فلينظر عند قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
(¬6) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 6/ 130 بمعناه، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 577، وعزاه في "الدر" 2/ 133 إلى ابن المنذر، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1867.

الصفحة 532