كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

ويجوز أن يكون النسيان، هاهنا (¬1)، بمعنى: الترك، فيكون معنى قوله: {إِنْ نَسِينَا} أي: تركنا شيئًا (¬2) من اللازم لنا، كقوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] أي: تركوا العمل لله فترك أن يثيبهم (¬3).
وقوله تعالى: {أَوْ أَخْطَأْنَا} الصحيح في اللغة: أن يقال: خَطِئ الرجلُ: إذا أَثِم، فهو خَاطئٌ آثِمٌ. وأخطأ: إذا لم يُصِبِ الصَّوابَ (¬4).
قال أبو الهيثم: يقال: خطئ: ما صنعه عمدًا، وهو الذنب، وأخطأ: ما صنعه غير عمد (¬5). فعلى هذا قوله: {أَوْ أَخْطَأْنَا} معناه: مثل معنى {نَسِينَا} إذا كان بمعنى السهو (¬6)، وفيه الوجهان اللذان ذكرناهما:
¬__________
(¬1) سقطت من (ي).
(¬2) سقطت من (ي).
(¬3) ينظر: "الأشباه والنظائر" لمقاتل ص 239، الطبري في "تفسيره" 3/ 155 - 156، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 1/ 370، "معاني القرآن" للنحاس 1/ 332، "تفسير الثعلبي" 2/ 1871، وقد بين الطبري في "تفسيره" 3/ 155 - 156: أن النسيان على وجهين: أحدهما: على وجه التضييع من العبد والتفريط، فهو ترك منه لما أمر بفعله، فذلك الذي يرغب العبد إلى الله تعالى في تركه مؤاخذته، وهو النسيان الذي عاقب الله آدم به فأخرجه من الجنة، ما لم يكن تركه ما ترك من ذلك كفرًا، فإن الرغبة إلى الله في تركه المؤاخذة به غير جائزة وأما النسيان الذي يكون بسبب قلة احتمال العقل ما وكل بمراعاته، فلا وجه للدعاء بطلب المغفرة منه. قال: وكذلك الخطأ على وجهين.
(¬4) ينظر في خطئ: "تهذيب اللغة" 7/ 495 - 500، "المفردات" ص 156، "اللسان" 1/ 65 - 68.
(¬5) نقله في "تهذيب اللغة" 7/ 498.
(¬6) ينظر: "تفسير الطبري" 6/ 134، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 370، قال الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1871: وهو الأصح، لأن ما كان عمدًا من الذنب فهو غير معفو عنه، بل هو في مشيئة الله عز وجل ما لم يكن كفرًا. وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 2/ 545: وذهب كثير من العلماء إلى أن الدعاء في هذه الآية إنما هو في النسيان الغالب، والخطأ غير المقصود، وهذا هو الصحيح عندي.

الصفحة 536