وقوله تعالى: {وَاللهُ سَرِيعُ الحِسَابِ} سريع فاعل من السُّرْعَة. قال ابن السِّكِّيْت: يقال: سَرَع يَسْرُع سَرَعًا وسُرْعة فهو سريع (¬1).
والحساب: مصدر كالمحاسبة، وربما سمي المَحْسُوبُ حِسَابًا، ومعنى الحساب في اللغة: العد، يقال: حَسَب يَحْسُبُ حِسَابًا وحِسَابةً وحِسْبَةً وحَسْبًا؛ إذا عَدّ، ذكره الليث وابن السكيت، وأنشد قول النابغة:
وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً في ذلك العَدَد (¬2)
وقول آخر:
يا جُمْلُ أسْقَاكِ بلا حِسَابَهْ (¬3)
¬__________
= 2/ 601، "التفسير الكبير" 5/ 205، وكلا القولين اللذين ذكرهما (المصنف) على اعتبار أن أولئك عائدة للصنف الثاني، وهم المؤمنون، وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" 2/ 301، ودليله: أنه قال في حق الصنف الأول: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}، فذكر جزائهم، ثم ذكر الصنف الثاني، وهذا جزاؤهم. ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 205،"الدر المصون" 2/ 343، وقيل: إن أولئك تعود إلى الفريقين مثل قوله: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأحقاف: 19].
(¬1) نقله في "تهذيب اللغة" 2/ 89، "تفسير القرطبي" 2/ 410، ونقله عن الواحدي بغير عزو: الرازي في "تفسيره" 5/ 206.
(¬2) صدره: فَكَمَّلَتْ مائةً فيها حمامَتُها
"ديوان النابغة" ص 25، "لسان العرب" 2/ 865 (حسب).
(¬3) ورد الرجز هكذا:
يا جمل أُسْقِيْتَ بلا حسابه * سُقْيَا مَلِيكِ حَسَنِ الرِّبَابَه * قتلتني بالدل والخلابة
والرجز لمنظور بن مَرْثَد الأسدي، في "لسان العرب" 2/ 865 (حسب)، وقال: وأورد الجوهري الرجز: يا جُمْل أسقاكِ، وصواب إنشاده: يا جُمْل أُسْقِيت، و"التنبيه والإيضاح" 1/ 62، "تاج العروس" 1/ 419. "المعجم المفصل" 9/ 51. والرِّبابة: القيام على الشيء بإصلاحه وتربيته، والخِلابة: أن تخلب الأمة قلب الرجل بألطف القول وأعذبه.