كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

على الألف والتاء يدل أيضًا على القلة، نحو: دُرَيْهِمَات وحمامات (¬1).
وروي أن حسان بن ثابت عرضَ شعره وهو صبي بعكاظ على النابغة وأنشده قوله:
لنا الجَفنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْن بالضُّحَى ... وأسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دمَا (¬2)
فقال: يا غلام! قَلَّلْتَ جِفَانك، يريد: أنه جَمَعَ بالألف والتاء، ولم يَقُلْ الجِفَان. قال الزجاج: وهذا الخبر عندي مصنوع؛ لأن الألف والتاء قد تأتي للكَثْرة قال الله عز وجل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35]. وقال: {فِي جَنَّاتٍ} [يونس: 9]. وقال: {الْغُرُفَاتِ} [سبأ: 37]، فقد يرد هذا الجمع في الكثير، ولكنه أدلُّ على القليل، من حيث كانَ أقرب إلى الواحد؛ لأنه على التثنية، تقول: حمام وحمامان وحمامات، فتؤدي بناءَ الواحد (¬3).
والمراد بالذكر في هذه الأيام: التكبير أدبار الصلوات وعند الجمرات، يكبر مع كل حصاة (¬4).
وأكثر العلماء على ما ذكرنا وهو أن الأيام المعدودات: أيام
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 275، قال القرطبي في "تفسيره" 3/ 1: قال الكوفيون: الألف والتاء في (معدودات)؛ لأقل العدد، وقال البصريون: هما للقليل والكثير.
(¬2) البيت في "ديوانه" ص 221. "المقتضب" 2: 188 "الكتاب" لسيبويه 3/ 578 "الخصائص" 2/ 206، "المحتسب" 1/ 187، والغُر: البيض، جمع غرّاء، يريد بياض الشحم، يقول: جفاننا معدة للضيفان ومساكين الحي بالغداة وأسيافنا تقطر بالدم، لنجدتنا وكثرة حروبنا.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 275 - 276، وقد استشهد سيبويه في "الكتاب" 3/ 578 ببيت حسان على الجمع الكثير.
(¬4) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 302، "تفسير الثعلبي" 2/ 614، "زاد المسير" 1/ 217.

الصفحة 68