كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

الثبوت عليه، وقيل: لأنها بدل من المهاد لهم، فصار كقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الانشقاق: 24]، على جِهَةِ البَدَلْ (¬1).

207 - قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} الآية، يشري من الأضداد، يقال: شَرَى إذا باع، وشرى إذا اشترى. وأصله: الاستبدال، قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20]، أي: باعوه (¬2).
ومعنى بيع النفس هاهنا: بذلها لأوامر الله وما يرضاه (¬3).
ونصب {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} على معنى المفعول له، أي: لابتغاء مرضاة الله، ثم نزع اللام منه، فوصل الفعل فنصبه (¬4)، ولا يجوز على هذا: فعله زيدًا، أي: لزيد، ويجوز: فعله خوفًا، أي: للخوف، وذلك أن في ذكر المصدر دليلًا على الغَرَضِ الداعي إلى الفعل، وليس كذلك ذكر زيد،
¬__________
(¬1) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 220، "البحر المحيط" 2/ 118.
(¬2) ينظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 16، "الأضداد" للأصمعي 18، 19، "أضداد ابن السكيت" 185، "تهذيب اللغة" 2/ 1869، ونقل عن الفراء قوله: وللعرب في شروا واشتروا مذهبان، فالأكثر منهما: أن شروا: باعوا، واشتروا: ابتاعوا، وربما جعلوهما بمعنى باعوا. وينظر: "اللسان" 4/ 2252 - 2253 "شرى"، "المفردات" ص 263، وقال: الراء والبيع يتلازمان، فالمشتري دافع الثمن وآخذ المثمن، والبائع دافع المثمن وآخذ الثمن، هذا إذا كانت المبايعة والمشاراة بناض وسلعة، فأما إذا كانت بيع سلعة بسلعة صح أن يتصور كل واحد منهما في موضع الآخر، وشريت بمعنى: بعت أكثر، وابتعت بمعنى: اشتريت أكثر، قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}.
(¬3) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 320، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 278، "تفسير الثعلبي" 2/ 654، "الوسيط" 1/ 312.
(¬4) ينظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 166، "تفسير الطبري" 2/ 320، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 279، "المحرر الوجيز" 2/ 196، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 299.

الصفحة 82