كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 4)

أسلموا، فأنكر ذلك عليهم المسلمون، فقالوا: نقوى على هذا وهذا، وقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن التوراة كتاب الله، فدعنا فلنقم بها في صلاتنا، فأنزل الله هذه الآية.
وقوله تعالى: {كَافَّةً} يجوز أن يكون معناه: ادخلوا جميعًا.
ويجوز أن يكون معناه: في السلم (¬1)، أي: في جميع شرائعه، وهذا أليق بظاهر التفسير، لأنهم أُمِروا بترك تعظيم السبت، واستحلاله لُحْمان الإبل، وهذا من شرائع الإسلام التي أمروا بالقيام بها كلها (¬2).
ومعنى الكافة في اللغة: الحاجزة المانعة، يقال: كففت فلانًا عن السوء فكَفّ يَكُفُّ كَفًّا، سواء لفظ اللازم والمجاوِز، ومن هذا يقال: كُفَّةُ القميص، لأنها تمنع الثوب من الانتشار، وقيل لطرف اليد: كَفُّ؛ لأنه يُكَفُّ بها عن سائر البدن، ورجل مكفوف: كُفَّ بَصَرُه من أن ينظر. فالكافة معناها: المانعة، ثم صارت اسمًا للجملة الجامعة؛ لأنها تمنع من الشذوذ
¬__________
(¬1) في (ي): كافة.
(¬2) ينظر في ذكر القولين: "تفسير الطبري" 2/ 324 - 325، "النكت والعيون" 1/ 267، "المحرر الوجيز" 2/ 197 - 198، "زاد المسير" 1/ 225، قال ابن عطية: واختلف بعد حمل اللفظ على الإسلام من المخاطب؟ فقالت فرقة: جميع المؤمنين بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. والمعنى أمرهم بالثبوت فيه والزيادة من التزام حدوده، ويستغرق كافة حينئذ المؤمنين، وجميع أجزاء الشرع، فتكون الحال من شيئين، وذلك جائز نحو قوله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} [مريم: 27]، إلى غير ذلك من الأمثلة. وقال عكرمة: بل المخاطب من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من بني إسرائيل كعبد الله بن سلام وغيره. الحديث، فكافة على هذا لأجزاء الشرع فقط، وقال ابن عباس: نزلت في أهل الكتاب، والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ادخلوا في الإسلام بمحمد كافة، فكافة على هذا لأجزاء الشرع وللمخاطبين على من يرى السلم الإسلام، ومن يراها المسالمة يقول: أمرهم بالدخول في أن يعطوا الجزية. ا. هـ- بتصرف.

الصفحة 91