وفي قوله: {ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} وجهان أيضًا:
أحدهما: أن العذاب يأتي فيها ويكون أهول، كقوله: {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189].
والثاني: أن ما يأتيهم من العذاب يأتي في أهوال مفظعة، فشبه الأهوال بالظلل من الغمام، كقوله: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} [لقمان: 32] (¬1).
وقوله تعالى: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} أي: فُرغَ لهم مما كانوا يوعدون، بأن قدر عليهم ذلك وأعد لهم (¬2). وذكرنا معنى القضاء فيما تقدم (¬3).
وقوله تعالى: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} اختلف القراء في (ترجع) (¬4)، فقرأ بعضهم: بفتح التاء وكسر الجيم، بنى الفعل للفاعل، كقوله {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53].
وقوله: {إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الغاشية: 25]، و {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} [المائدة:
¬__________
(¬1) ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 234، "البحر المحيط" 2/ 124. والغمام: السحاب الأبيض الرقيق، سمي غماما، لأنه يغم، أي: يستر، قال ابن عباس: يأتي الله عز وجل يوم القيامة في ظلل من السحاب وقد قطعت طاقات، وقال مجاهد: هو غير السحاب، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة، وقد ذكر المؤلف هذين الوجهين بناء على ما قرره من تأويل صفة الإتيان لله تعالى. تنظر: المراجع السابقة.
(¬2) ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 331، "تفسير الثعلبي" 2/ 692، "تفسير البغوي" 1/ 241، "المحرر الوجيز" 2/ 201، "البحر المحيط" 2/ 125.
(¬3) ينظر تفسير [البقرة: 200].
(¬4) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وعاصم بضم التاء، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح التاء، وروى خارجة عن نافع أنه قرأ: وإلى الله يُرجع الأمور، بالياء مضمومة في سورة البقرة ولم يروه غيره ينظر السبعة ص 181، "الحجة" 2/ 304.