مُستَحِقٍّ (¬1) للعذاب، لم يكن منه ظلمًا حقيقيًّا، ولكنه يكون في صورة الظلم، وقد يُسمَّى الشيءُ بالشيء، إذا أشبهه، وكان في صورته؛ كجزاء السيِّئة، يُسَمَّى: (سيئةً) (¬2)، وجزاء الاستهزاء، يُسمَّى (¬3): (استهزاءً) في التنزيل (¬4)، ومثله كثير.
110 - قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} اختلف قول أهل المعاني في هذا:
فقال الفرَّاء (¬5) والزجاجُ (¬6)، وغيرُهما (¬7): كنتم خير أُمَّةٍ عند الله، في اللَّوْح المحفوظ. وقالا (¬8) أيضًا: معنى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}: أنتم خير أمة؛
¬__________
(¬1) في (ج): (مستحقًا).
(¬2) كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].
(¬3) في (ج): (سمي).
(¬4) يعني المؤلف قولَه -تعالى-: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:14 - 15].
وقد ذكر الطبريُّ هذا المعنى في تفسيره، ورَدَّهُ، فـ (الاستهزاء) في هذه الآية صفة من صفات الله على الحقيقة، تليق بجلال الله -تعالى-، وليس المقصود بـ (الاستهزاء) هنا مجازاتهم في الآخرة على استهزائهم بأوليائه في الدنيا، فهذا صرفٌ للصفة عن حقيقتها. انظر: "تفسير الطبري" 1/ 132 - 134. وانظر ما سبق من تعليق على تفسير المؤلف لقول الله -تعالى-: {وَمَكَرَ اَللهُ} من الآية: 54.
(¬5) في "معاني القرآن" له: 1/ 229.
(¬6) في "معاني القرآن" له: 1/ 456. وقد أورده الزجاج بلفظ (قيل: ..).
(¬7) ممن جوز هذا القول: النحاس، في "إعراب القرآن" 1/ 357.
(¬8) قائل هذا القول، هو: الفراء، في المرجع السابق. والعبارات التالية له نقلها =