كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 5)

الزجّاج (¬1): كل ما أُنفق في التظاهر على عداوة الدين.
ومعنى (المَثَل): الشَّبَهُ الذي يصير كالعَلَمِ؛ لكثرة استعماله فيما يُشَبَّه به (¬2). ولا بُدَّ من تقدير محذوفٍ من الكلام، حتى يتقابل المثلان في التشبيه (¬3)، وهو: مَثَل إهلاك ما ينفقون، كَمَثَل إهلاك ريح. فحذف الإهلاك؛ لدلالة آخر الكلام عليه (¬4).
¬__________
= رواية أبي جعفر الرملي). وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 117 وزاد نسبة إخراجه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(¬1) في "معاني القرآن" له: 1/ 461.
(¬2) انظر: (مثل) في "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب: 759، "اللسان" 7/ 4132. وانظر الوجوه المختلفة لكلمة (مثل) في القرآن، في "التصاريف" 253، "الوجوه والنظائر" في القرآن، د. القرعاوي: 588.
(¬3) وذلك أن الظاهر -هنا-: تشبيه الشيء المُنفَق بالريح، وفي ذلك إشكال؛ لأنه ليس هو المقصود من معنى المثل هنا، لذا لزم التقدير.
(¬4) وقيل: هو من باب التشبيه المركب، شبَّه هيئة حاصلة من أشياء، بهيئة أخرى. وبه قال الزمخشري في "الكشاف" 1/ 457.
وقيل: هو من باب التشبيه بين شيئين وشيئين، فذكر الله أحد الشيئين المشبَّهين وترك الآخر، وذكر أحد الشيئين المشبَّه بهما -وليس هو مما يقابل المذكور الأول- وترك ذكر الآخر، ودلَّ المذكوران على المتروكَيْنِ.
وبه قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 3/ 281 وقال: (وهذا غاية البلاغة والإعجاز). وانظر: "البحر المحيط" 3/ 37، "الدر المصون" 3/ 358 - 359.
قال ناصر الدين بن المنير: (أصل الكلام-والله أعلم-: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا، كمثل حرث قوم ظلموا أنفسهم، فأصابته ريح فيها صِرٌّ فأهلكته، ولكن خولف هذا النظم في المثل المذكور؛ لفائدة جليلة، وهو: تقديم ما هو أهم؛ لأن الريح التي هي مثل العذاب، ذِكْرها في سياق الوعيد والتهديد أهم من ذكر الحرث، فقدمت عناية بذكرها، واعتمادًا على أن الأفهام الصحيحة تستخرج المطابقة بردِّ الكلام إلى أصله على أيسر وجه ..). الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال (مطبوع مع "الكشاف" (1/ 458).

الصفحة 524